محاولة لهدم القضاء والمؤسسات تتجلى بوادرها في ضرب السيد نائب وكيل الملك “عبد الفتاح جعوان”
من يطالع المقالة الساقطة التي نشرتها “الشروق” يخال نفسه في بلد “السيبة” وغياب المؤسسات، والمافيا …، وليس أمام دولة بمؤسساتها وهياكلها ودستورها وبرلمانها وقضائها المستقل والعادل، وهنا جوهر المأساة، أو كما قال المرحوم الفنان “فيتح” في إحدى أغنياته الخالدة “تما بكيت أنا”، فما يشهده المغرب من تقدم وتطور، وما حققه في مجال الدفاع عن القضايا الوطنية، وفي مقدمتها قضية الصحراء المغربية، جعل الأعداء يفقدون صوابهم، ويخبطون خبط عشواء، وما مسرحية تونس إلا تجل لعمق المؤامرات التي تستهدف المغرب ومؤسساته وركائز قوته وثباته.
فمن هنا لا نستغرب إن صدرت هاته الحمى والسعار عبر القذف في كل الاتجاهات لعل وعسى يمكن لخصوم وحدتنا الترابية تحقيق نصر ولو وهمي أمام صلابة المؤسسات المغربية ووحدة الشعب المغربي وراء صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده، وقوة الدبلوماسية المغربية التي أعمت أعين الأعداء وأصابتهم بمقتل، وضرغامية حماة الوطن الذين يكبدون العدو أفدح الخسائر البشرية واللوجستيكية، وهو ما أسقط كل الرهانات بنقل الحرب عسكريا إلى داخل التراب الوطني المغربي، كما صرح أحد المعتوهين الانفصاليين الإرهابيين في الجبهة، لكنهم وفي سبيل تحقيق أهدافهم الدنيئة، فمن الطبيعي أن ينتقلوا لمستوى استهداف القلاع الحصينة للديمقراطية المغربية ومؤسساتها، والمدخل العدالة باعتبارها بوابة ضمان الاستقرار السياسي والاقتصادي والمجتمعي.
إن متصفح سيل الاتهامات التي طالت الأستاذ “جعوان” يقف حائرا في مستوى السقوط الذي وصلت إليه حتى من باب الترويج لطموح الإنسان التعليمي ومستوى الإنسان الدراسي وكل ذلك كذبا وبهثانا، وينم عن جهل بأن الممارس لمهنة القضاء لا بد من أن يكون حائزا على الإجازة، والأدهى من ذلك أن الأستاذ “جعوان” حصل عليها بتفوق كما هو وارد في شهادة زملائه في الدراسة كما سيأتي ضمن سياق المقالة، بل أنها تناست أن الطموح والتوجيه ممكن أن يعدل البوصلة وأن الهزيمة في منطق البناء هي نقطة انطلاق، كما قال “لينين” البلشفي إبان الحرب العالمية “إننا لم نخسر الحرب ولكن خسرنا معركة”، ومن يعتبر الفقر سبة أكلته حقائق التاريخ والقيم الإنسانية التي اعترفت بالإنسان بعيدا عن كل الاعتبارات التي لا يمكن بالمطلق أن يعرفها مذبجوا الترهات والأكاذيب وتسويق التضليل.
إن الطموح أساس البناء والنجاح وهناك في الحياة أعداء كثيرون للنجاح، والأمر هنا مع “الشروق” أخطر لأنه يستهدف بنيانا قائما وقويا من خلال محاولة يائسة لتحطيم الثقة في هذا الكيان وخلق جو من الشك في تلك المؤسسات الموصل إلى هدمها، وهو ما لن تستطيع حبة خردل أن تفعله، لأن المؤسسات المغربية هي مؤسسات اجتماعية وقضاؤنا، والحمد لله، مواطن و”ابن البلد”، وهو ضامن للاستقرار، وما على الطبول المكسورة إلا أن تطبل كما يحلو لها، فصوتها مردود لمستوى سمعها، إن سمعته أصلا، وقوة المغرب في مؤسساته وأبنائه وعدالة قضاياه وصداقاته القائمة على الاحترام المتبادل الذي لا تعرفه هاته الأبواق ولا أذنابها من أعداء الوطن في الداخل.
وتصل السوقية في الهجوم إلى مستوى يصبح فيه المتلقي عرضة للتيهان في محاولة غسل دماغ، لكن هيهات هيهات، لأنها حينما تصل هاته الترهات المرضية لأسماعنا التي تؤمن بالمنطق والمقنع من الكلام، على حد قول المثل العربي “يلا كان اللي كايدوي أحمق على المتلقي أن يكون عاقلا”، فإن العقل يخضعها للتمحيص والنقد العلمي، بل أنه ومن سقوط الخطاب أن أصبحنا نرى وفق هاته الأبواق التي أطلقت الكذبة وصدقتها أن مؤسسة النيابة تعتقل وتطلق بدون سند قانوني، وأنها حامية للمجرمين وللفساد والمفسدين في لغة إنشائية لا تقدم إلا الخبث بين ثنايا المنطوق لغرض في نفس “يعقوب” المهزوم على أرض الواقع والمحاول أن يحقق انتصارات “دانكيشوطية” وهمية، لهؤلاء نقول “هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين” بل أن الوسخ الصادر عن هاته المزبلة الإعلامية طال حتى ممثلي الأمة بالمجالس المنتخبة شعبيا وديمقراطيا.
إنه قمة السقوط، الذي أوصل وعلى حد قول المثل العربي “شر البلية ما يضحك” أن أصبحت كل مكونات الجسم القضائي مشلولة وخادمة للأستاذ “جعوان” في موقف سخيف يدعو للضحك والتقزز، والذي وصل حد الهجوم على عائلة الأستاذ “جعوان” بأوسخ النعوث، وكأن المؤسسات عطلت لخدمة الأستاذ “عبد الفتاح” وأسرته على الرغم من أن الوقائع المقدمة كلها كذب وبهثان، ولو توقفنا حول خبث المقالة لوجدنا أنفسنا أمام مؤسسات بكاملها يجب أن تقتل “قياد، باشوات، رجال سلطة، عمال، ولاة، وكلاء الملك، وكلاء عامون، رجال الأمن، وزارة الداخلية، ووصل مرض الحقد والكره الدفين والدناءة لحد إدراج أسماء أفراد من الأسرة العلوية الشريفة”، لهم نقول، هزلت، ليس هذا هو الإعلام الحقيقي، وليست هاته هي صحافة الاستقصاء، ولا ويكيليكس، القابع بشرف في الزنازن الإنجليزية لأنه كشف حقائق موثقة، ولم يمارس الشعوذة كما فعلتها “الشروق”.
أن تملأ كتابا بالجمل الإنشائية سهل، ولكن يتناسى “إعلاميو آخر زمن” أن قوة العربية والعروبة في الأفعال، والجمل الفعلية لا الجمل الإنشائية، وهو ما لم يدرسوه في معاهد الإعلام، لأنهم لم يدرسوا بها أصلا لأنهم عبارة عن مرتزقة وخفافيش ظلام لا تظهر إلا في الليل، وأقلام مأجورة من “عبدة الدينار” وضعت نفسها لخدمة أجندات نعرفها جيدا، وليعلموا أن قوة المغرب في مؤسساته ورجالاته وأن الشرف الذي حاولوا تلطيخه هو من أفراد المقاومة المسلحة ضد الاستعمار الفرنسي، وهنا سمو هاته الهامات التي نذرت حياتها للوطن واستقلاله ووحدته الترابية، ولم تهتم بالمال، كما هو حال “أصحابنا من عبد الدينار”، والذي رأت الصحيفة أن تروجه معتبرة كد الإنسان وتعبه من أجل العيش سبة في منطق متخلف لا يحمل إلا الغل والضغينة، متناسية أن هؤلاء الناس بلغوا من العفة والسمو ما جعلهم يسترخون دماءهم من أجل البلد “فمنهم من قضا نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا”.
هذا هو المغرب الحقيقي الذي لم تفهم “الشروق” درسه ولا خفافيش فاس التي ترغي وتزبد من كثرة إصابتها بالسعار القاتل، وهو عصي على الكل، ومنيع محصن بملكه وشعبه ومؤسساته القوية الصلبة، التي عبرت عنها بقوة في ردها على التعدي التونسي على القضية الوطنية فذاقت الأمرين من رد رسمي وشعبي كاسح أذهب عقل الرآسة التونسية وندمت على اليوم الذي سمعت فيه فتوى المهزومين المندحرين من عسكر الجزائر وكاربراناته.