الذكرى 69 لإستشهاد علال بن عبد الله رمز التضحية والوفاء المغربي
يخلد الشعب المغربي ومعه نساء ورجال الحركة الوطنية وجيش التحرير من طنجة إلى الكويرة، وبكثير من الفخر والاعتزاز الذكرى 69 للعملية البطولية التي نفذها الشهيد البطل علال بن عبد الله بن البشير الزروالي، ففي مثل هذا اليوم 11 شتنبر 1953 وكباقي المغاربة، كان الإحساس بتدنيس الكرامة والعزة يملأ قلب الشهيد علال بن عبد الله، فما كان منه إلا ان انطلق على متن سيارته “فورد” متجها صوب موكب السلطان الدمية بن عرفة الذي كان يهم بتأدية صلاة الجمعة في مسجد أهل فاس في تحد سافر للمغاربة واستفزاز عميق، توجه الشهيد علال بن عبد الله حاملا بيده سلاحا أبيضا بغية طعن “بن عرفة” موجها له ثلاث طعنات كانت ستعجل بهلاكه لولا ارتماء ضابط استعماري عليه معترضا سبيله وقيام البوليس السري الذي كان متواجدا بالمكان آنذاك بإطلاق ثماني رصاصات على الشهيد، خمس منها في الصدر والجبين وثلاث في الظهر كانت كفيلة بسقوطه مضرجا بدمائه الزكية بينما تم حمل الدمية بن عرفة على عجل لتلقي العلاج.
تضحية كبيرة قدمها الشهيد البطل علال بن عبد الله تنضاف إلى تضحيته بتوديع زوجته الحامل وابنه الصغير عبد الله، معتبرا أن نداء الوطن قبل كل شيء خطوة قابلتها زوجة الشهيد بالتضحية والوفاء .هذا الموقف الشهم أجج روح الوطنية وألهب الحماس الوطني لدى المغاربة لتتوالى بعدها العمليات التي أصابت المستعمر الغاشم بالارتباك والحيرة.
تضحية الشهيد علال بن عبد الله لم تتوقف حتى بعد استشهاده حيث أقدم المستعمر الغاشم على نقل جثمانه الطاهر ودفنه سرا في مكان مجهول بناحية الرماني، إلى حدود 1957 حيث شكل المغفور له محمد الخامس لجنة من السياسيين والخبراء والأطباء توجهت الى عين المكان حيث تم التحقيق في الأمر وتعرفت زوجة الشهيد على رفاته من خلال لباسه الذي دفن به وخاتم الزوجية ومكان الرصاصات ونقلها حينها إلى العاصمة الرباط وسط تهليلات الحشود انطلاقا من باب ازعير الى مسجد أهل فاس. وذلك يوم 20 غشت 1957 ليوارى الثرى من جديد بمقبرة سيدي الخطاب بجوار مسجد الشهداء بحضور الألاف من المغاربة الذين شاركوا في موكب توديع جثمان علال بن عبد الله وفي مقدمتهم رجال الحركة الوطنية ورجال المقاومة وأعضاء جيش التحرير، حيث ترأس مراسيم الدفن سمو الأمير مولاي الحسن، الذي ألقى خطابا مرتجلا جاء في بعض فقراته: …” إننا نقف اليوم لنؤدي التحية لأول بطل مغربي استرخص حياته في سبيل عزة بلاده وملكه.”
وفي السنة الموالية للاحتفال بذكرى ثورة الملك والشعب حرص المغفور له محمد الخامس على الإشادة بالشهيد علال بن عبد الله قائلا ” لقد أبينا الا أن نظهر اليوم عنايتنا بإزاحة الستار عن اللوحة التذكارية المقامة في المكان الذي سقط فيه المغفور له علال بن عبد الله ذلك البطل الصنديد الذي برهن على ان العرش منبعث من صميم الشعب المغربي وانه من كيانه وضمان جوده وسيادته فهب يفتديه ويفتدي الامة المجسمة فيه بروحه حتى سقط في ميدان الشرف صريعا، مخلفا للأجيال أعظم الأمثلة على التضحية والغيرة وحسن الوفاء”.
لقد شكلت العملية الفدائية العظيمة التي قام بها الشهيد علال بن عبد الله ضربة موجعة، للمستعمر الفرنسي الذي ارتبكت حساباته وتبعثرت أوراقه بما تلاها من عمليات فدائية شكلت رسالة واضحة لا لبس فيها حيث هتف المغاربة بصوت واحد من أجل عودة جلالة المغفور له محمد الخامس إلى أرض الوطن والحصول على الاستقلال فالشعب المغربي ليس قاصرا أو في حاجة إلى وصاية، بل شعب ينتمي لبلد مرت عليه العديد من الحضارات، بلد يملك تاريخا ضاربا بجذوره في عمق هذه الأرض الطيبة، التي لقن أبناؤها درسا لا ينسى لمستعمر متغطرس كان يعتقد انه يمتلك زمام الأمور.
رحم الله شهداء ملحمة التحرير والاستقلال والوحدة، شرفاء الوطن وأبناءه الغر الميامين وفي طليعتهم أب الأمة وبطل التحرير والاستقلال والمقاوم الأول جلالة المغفور له محمد الخامس ورفيقه في الكفاح والمنفى، مبدع المسيرة الخضراء المظفرة وموحد البلاد جلالة المغفور له الحسن الثاني، وحفظ الله بالسبع المثاني وبما حفظ به الذكر الحكيم جلالة الملك محمد السادس وأيده بنصره ومدده وأقر عينه بولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير المحبوب مولاي الحسن وشد أزره بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي رشيد وسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة والشعب المغربي قاطبة.