حضور المغرب وترأس جلالة الملك محمد السادس القمة العربية بالجزائر بين الوساطات ولغة التصعيد واستهداف وحدة المغرب جزائريا
جريدة أصوات
لا تعليق صدر من ” الرباط” حول ما سبق أن نشرته كل من مجلة “جون أفريك” الفرنسية المعروفة والنافذة لدى أصحاب القرار في إفريقيا، ويومية “الشرق الأوسط” السعودية الصادرة من لندن والمقربة من مراكز القرار في السعودية، حول مشاركة الملك “محمد السادس” في أشغال القمة العربية المقرر عقدها مطلع شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، وفي غياب أي تأكيد أو نفي رسمي من الرباط، رجح مراقبون مشاركة العاهل المغربي في هذه القمة؛ فهل سيشارك الملك “محمد السادس” فعلا في هاته القمة؟، علما أن الأجواء بين الرباط والجزائر مقطوعة، ومسلسل التوثر في تصاعد دائم، بل أنه يزداد حدة مع توالي الأيام، وهل من ضغط سعودي ممارس على الجزائر سيخفف من حدة التوترات القائمة بين المغرب والجزائر، ويدفع فعلا الملك محمد السادس لحضور القمة؟ وهل سيشكل هذا الحضور إن حصل خطوة نحو استعادة الأجواء الطبيعية بين البلدين؟
الوقائع على الأرض تعكس تصاعد التوثر في علاقات البلدين، وسبق للوساطة السعودية أن اصطدمت بحائط الشروط الجزائرية التي تعدت حدود الصحراء المغربية، إلى محاولة الجزائر توجيه السياسة الخارجية المغربية، وتحديد طبيعة العلاقات التي على الرباط نسجها، والتي اعتبرتها أساسية لاستعادة هاته العلاقات، خاصة في الشق المتعلق بقطع كافة أشكال العلاقات والتعاون الأمني والعسكري مع “تل أبيب”.
شرط معلق بقوة الحضور المغربي وتطور هاته العلاقات التي تربط الرباط ب”تل ابيب” والتي كان آخرها زيارة المفتش العام للقوات المسلحة الملكية المغربية ل”تل أبيب”، ولقاؤه بالقادىة العسكريين الكبار هناك، وأحاديث عن تعاون كبير بين البلدين في مجالات التسليح وتكنولوجيا الحروب.
الأكيد أن مصادر الخبر ليست بعيدة عن سياق الأحداث ومصدر القرارات، خاصة وأنها أتت متزامنة من قبل “جون أفريك” الفرنسية، ذات الحضور القوي في إفريقيا والقريبة من صناع القرار بهاته الدول، وضمنها المغرب، خاصة وأنه سبق لها أن كشفت عن تعديل حكومي مرتقب بالحكومة المغربية، وأيضا يومية “الشرق الأوسط” اللندنية القريبة من مصادر القرار السعودية، وهو ما يعزز فرضية حضور العاهل المغربي القمة، حيث ذكرت المجلة الباريسية، استنادا لمصادر سمتها “مطلعة للغاية” أنه “بناء على تعليمات من السلطات العليا المغربية، فقد تم إجراء اتصالات مع العديد من دول الخليج، “السعودية، قطر، الإمارات، الكويت، البحرين” لإبلاغها بأن الملك “محمد السادس” سيشارك شخصيا في القمة العربية”.
من جهتها، أوردت يومية “الشرق الأوسط” اللندنية المقربة من السعودية، أن “مصادر دبلوماسية رفيعة”، كشفت للصحيفة أن العاهل المغربي الملك محمد السادس سيشارك في القمة، مضيفة أن السلطات المغربية “أجرت اتصالات مع دول الخليج لإبلاغها بمشاركة الملك شخصيا في قمة الجزائر العربية”.
حدود مغلقة
سبق للعاهل المغربي أن وجه في يوليو/ تموز 2022 دعوة جديدة لتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع الجزائر، داعيا الرئاسة الجزائرية “لإقامة علاقات طبيعية”، مؤكدا على الرغبة “في الخروج من هذا الوضع”، حيث قال في خطابه السنوي بمناسبة الذكرى 23 لعيد العرش المجيد “إننا نتطلع للعمل مع الرئاسة الجزائرية، لأن يضع المغرب والجزائر يدا في يد لإقامة علاقات طبيعية، بين شعبين شقيقين تجمعهما روابط تاريخية وإنسانية والمصير المشترك”، مضيفا “أشدد مرة أخرى بأن الحدود التي تفرق بين الشعبين الشقيقين المغربي والجزائري لن تكون أبدا حدودا تغلق أجواء التواصل والتفاهم بينهما، بل نريدها أن تكون جسورا تحمل بين يديها مستقبل المغرب والجزائر”.
وكان العاهل المغربي قد اقترح في أواخر عام 2018 تشكيل “آلية سياسية مشتركة للحوار” من أجل “تجاوز الخلافات” القائمة بين الجارين، مجددا دعوته لفتح الحدود البرية المغلقة منذ العام 1994، لكن الاقتراح ووجه برفض جزائري.
ما القيمة المضافة التي يمكن أن يشكلها حضور جلالة الملك القمة في ظل الوضع القائم؟
البعض يرى أن حضور القمة هو في صالح المغرب لأنها تتجاوز إطار العلاقات الثنائية إلى العمل العربي المشترك، ويعتبرونها فرصة لإزالة جليد الصقيع الذي يغلف هاته العلاقات.
وللإشارة فإن حدة التوثر بين البلدين قد زادت عقب قطع الجزائر لعلاقاتها مع الرباط في آب/أغسطس 2022، بدعوى ارتكاب المغرب “أعمال عدائية (…) منذ استقلال الجزائر” في 1962، وهو القرار الذي عبر المغرب عن الأسف لصدوره واصفا المبررات المقدمة ب”الزائفة”، وفق بلاغ سابق صدر عن الرباط.
بل أن الجزائر اعتبرت التقارب المغربي “الإسرائيلي” هو استهداف لها، خاصة وأنه تم برعاية أمريكية، واعتراف أمريكي بمغربية الصحراء في أواخر العام 2020 خلال فترة حكم “دونالد ترامب”.