المغرب: الاستمطار الاصطناعي في مواجهة التغيرات المناخية
بات شبح الجفاف يحلق فوق سماء المغرب للسنة الثالثة على التوالي بعد تأخر التساقطات المطرية، مما دفع إلى التساؤل حول الحلول الكفيلة بإنقاذ الموسم الزراعي.
ويعتر برنامج الاستمطار الاصطناعي الذي يطلق عليه في المغرب اسم “الغيث” من أبرز هذه الحلول التي اعتمدتها المملكة قبل أزيد من 30 سنة للرفع من معدل هطول الأمطار.
وقد شهد المغرب السنة الماضية موجة حفاف غير مسبوق منذ 3 عقود، حيث تراجعت نسبة التساقطات بـ47 في المئة مقارنة بالمعدل السنوي، وانخفض إنتاج الحبوب بـ67 بالمئة مقارنة بسنة 2020.
حل استعجالي
يتم اللجوء للاستمطار الاصطناعي في المغرب عادة بين شهري نوفمبر ويناير، بالاعتماد على تقنية حقن السحب بمادة “يوديد الفضة” أو ببعض المواد الكيميائية الأخرى، باستعمال طائرات أو مولدات خاصة منتشرة في الأرض.
يقول الحسين يوعابد، المسؤول عن التواصل في المديرية العامة للأرصاد الجوية، إن الإستمطار الإصطناعي يعد من بين الحلول الاستعجالية التي لجأ إليها المغرب منذ سنوات الثمانينيات إلى جانب حلول أخرى من ضمنها بناء السدود وتحلية مياه البحر، كوسيلة لمواجهة آثار الجفاف وتعزيز المخزون المائي.
ويؤكد يوعابد، في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن نجاح عملية الاستمطار تتطلب توافر عوامل طبيعية وشروط مساعدة من قبيل وجود تيارات هوائية مناسبة لتحفيز السحب ونسبة رطوبة عالية مع انخفاض درجات الكتل الهوائية بالأجواء العليا.
ويشدد المتحدث، على أن الاستمطار هو عملية تتطلب الكثير من الاحتياطات والعمل الدقيق، حيث يسبقها أخد عينات من المناطق المستهدفة، ليشرع مختصون في الاستمطار بمديرية الأرصاد الجوية بتحليل معطيات السحب وتحديد نسبة النجاح قبل أن تتم مباشرة العملية.
ويواصل يوعابد بأن عمليات الاستمطار الاصطناعي في المغرب، تستهدف المناطق الجبلية المجاورة للسدود لتعزيز حقينتها من خلال تساقط رقاقات ثلجية التي تساهم أيضا في تعزيز الفرشة المائية.
ويضيف المسؤول عن التواصل في المديرية العامة للأرصاد الجوية أن هذه التقنية تعمل على تعزيز فرص هطول الأمطار بنسبة تترواح بين 14 و17 في المئة.
مواجهة شح الأمطار
ورغم تعداد الخبراء في مجال البيئة للمخاطر التي تنتج عن الاستمطار الاصطناعي، إلا أنهم يؤكدون على المكاسب التي حققتها في فترات شح الأمطار ومواسم الجفاف.
يعتبر الخبير في البيئة محمد بن عبو، أن الاستمطار الاصطناعي عملية صديقة للبيئة، مضيفا أن العديد من التقارير الدولية أثبتت أنه لا ينطوي على أي تأثيرات سلبية سواء على الفرشة المائية أو على المنتجات الزراعية.
ويؤكد بن عبو، في تصريح لـ”سكاي نيوز عربية” أن المغرب يراهن من خلال هذه العملية إلى زيادة نسبة التساقطات المطرية بنسبة 20 في المئة، والرفع من المحصول الزراعي بنسبة تتراوح بين 3.4 إلى 4 في المئة سنويا.
ويوضح المتحدث أن العملية، التي تتم بتنسيق تام بين الدرك الملكي والقوات المسلحة الملكية وخبراء مديرية الأرصاد الجوية، تستهدف سلسلة جبال الأطلس وتتم عبر محطات أرضية موزعة على مناطق الحاجب وأزيلال وبني ملال، حيث يتم اختيار السحب التي تخضع للتلقيح بعناية فائقة.
ويشير بن عبو إلى أن المغرب أصبح يقود تجربة رائدة في مجال الاستمطار الاصطناعي على المستوى القارة الإفريقية، ما خول له تقديم الدعم في هذا الإطار لدول إفريقية من بينها من مالي بوركينافاسو والسنغال.
برنامج “الغيث”
في سنة 1984، دشن العاهل المغربي الراحل الملك الجسن الثاني مبادرة أطلق عليها اسم “الغيث” خاصة بالاستمطار الاصطناعي بهدف مواجهة أثار تعاقب سنوات الجفاف الحاد في البلاد.
وقد استمرت فترة التجارب في هذه العملية التي أطلقت بشراكة مع خبراء من الولايات المتحدة الأميركية، أزيد من خمس سنوات للتأكد من نجاعتها والإلمام بمختلف الجوانب المتعلقة بها..
وتتمركز عملية “الغيث” في مناطق محددة من المملكة، خاصة التي تضم السدود المائية، وتتم سواء بالاعتماد على مولدات أرضية تعمل على إطلاق مواد كيماوية لتلقيح السحب، أو عن طريق الاستعانة بمروحيات الدرك الملكي.
“سكاي نيوز عربية”