تطوان-خولاني عبد القادر
فمند الخميس 8 دجنبر الجاري، يوم اعتقال 6 عناصر كانت مكلفة بالمراقبة الأمنية بباب سبتة من ضمن 18 شخصا، انطلق التحقيق معهم في شهر يناير 2019، وضع العناصر الجمركية والأمنية في وضعية مقلقة لا يحسدون عليها، ويعيشون جلهم ظروف صعبة وغير مستقرة مهنيا ونفسيا وعلى هاجس تعرضهم للتوقيف عن العمل والاعتقال، بفعل عدم تمكينهم من إجهاض عملية غير مشروعة، خاصة في ظل تطور الجريمة وتعدد مسارها واستراتيجياتها مما يصعب مسايرتها، وهذا ما يعرض المراقب “النظيف” أحينا للمسائل والعقاب…
فالمكلف بالمراقبة الحدودية سواء كان جمركيا أو شرطيا عندما يستيقظ من نومه للتوجه إلى مكان عمله بأحد المعابر الحدودية، لأداء واجبه المهني، يجد نفسه محاصرا بين مطرقة الواجب الوطني و سندان الوقوع في الخطأ المهني ، الذي يدخله في دوامة و متاهة يصعب الخروج منها ، و على سبيل المثال لا الحصر ما وقع في شهر يناير 2019 جراء مرور سيارة حسب تصريحات الشرطة الإسبانية محملة بما يفوق 600 كيلوغرام من الشيرا كانت مهربة و بعد احالة القضية على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية و تعميق البحث مع أزيد من 18 شخص ، بين عناصر الأمن و الجمارك ، حيث خلص قاضي التحقيق بناء على ملتمسات النيابة العامة إلى اعتقال ستة أشخاص بتهمة استغلال النفود و الاتفاق على ارتكاب أفعال مخالفة للقانون ، مع متابعة البقية في حالة سراح…
وفي ظل غياب أي ردة فعل من طرف المسؤولين في إدارة الجمارك أو الأمن الوطني لتوضيح مهام كل عنصر بدقة، حيث من بين المعتقلين شرطي مكلف بختم الجوازات وجمركي مكلف بشطب بيان القبول المؤقت للسيارات على الناظم المعلوماتي (لا علاقة لهما بعملية التفتيش) …
هذه القضية وغيرها قد خلقت نوع من اليأس وعدم الاطمئنان في صفوف العاملين بمعبر سبتة، باعتبار أن الشخص الذي يسلم في آخر ساعة من يوم عمله من كل شر أو أذى قد يصيبه، ويعود إلى منزله سالما آمنا لحضن أسرته، فهو فعلا من المحظوظين.
فالأخبار التي نتوصل بها من مصادر مختلفة قادمة من معبر باب سبتة المحتلة، تفيد أن العديد من عناصر الشرطة ومن زمرة الجمارك العاملين بمعبر العار السيء الذكر، يعيشون على أعصابهم، وفي حالة من الشك وعدم اليقين والخوف على مستقبلهم المهني، وذلك بسبب اعتقال بعض زملاءهم في المهنة ساقهم حظهم العاثر أن كانوا يمارسون مهام الديمومة في أحد الأيام بالمعبر المذكور، ومرت في غفلة من أمرهم سيارة أو شاحنة محملة بالمخدرات كان يسوقها شخص “مجرم محترف “، يجد نفسه في دهاليز السجون بتهم لا علاقة له بها …
هذا أن إيداع زملاء لهم في المهنة بسجن الصومال بتطوان، قد خلف حالة من الخوف والرعب الشديد في صفوف باقي الجمركيين والشرطيين، حيث عمد بعضهم إلى الإدلاء بشهادات طبية لأنهم لم يعودوا قادرين من الناحية الذهنية والنفسية على مواجهة الضغوط الرهيبة التي يشتغلون داخلها وأنهم أصبحوا مذعورين من التهم التي أحيانا تخبط بهم خبط عشواء وذلك فقط بسبب احتمال تواجدهم في المكان والزمن الخطأ.
وهنا نتساءل ومعنا الرأي العامة، ألا تفكر الإدارتين المعنيتين أنه إذا بقي هاجس التعرض للاعتقال هذا معلقا على رقاب العناصر الجمركية والأمنية العاملة بالمعابر الحدودية خاصة منها معبر باب سبتة، فمن المحتمل ألا تجد الإدارتين في المستقبل ولو عنصرا واحدا يقبل العمل في هذه البيئة الشديدة المخاطر، دون حماية قانونية او مؤازرة حقيقية من طرف الرؤساء المباشرين؟
إن عدم شعور العناصر المرابطة ببوابة سبتة المحتلة بالأمان يعتبر عامل إرباك حقيقي داخل منظومة معبر باب سبتة ، الأمر الذي سيؤدي لا محالة إلى مشاكل عويصة و جد معقدة يصعب حلها في المستقبل، وبناء عليه، نتمنى مخلصين أن تكون لإدارة الجمارك والضرائب الغير المباشرة و للمصالح الأمنية خارطة طريق جديدة وخلاقة لحماية المنتسبين إليهما من بعض التهم الجاهزة وبعض المشاكل العصية التي تواجههم أثناء ممارسة عملهم وذلك تحقيقا لقواعد العدالة والانصاف، علما أن هؤلاء الجمركيون يشتغلون في أسوأ معبر حدودي في العالم بناء على التوصيف الذي أطلقه المغاربة و غيرهم ألا وهو “معبر العار”.
ونتمنى صادقين أن ينعم الجمركي والشرطي “النظيف” بالشعور بالطمأنينة في عمله، حتى يؤدي واجبه المهني في حماية صحة وأمن المواطنين والوطن، وانه في نهاية يوم ديمومته سيعود إلى أسرته سالما، ولن ينتهي به المطاف قابعا خلف قضبان سجن الصومال…