العدوي: العزل يطوق أعناق كل السياسيين المتخلفين عن التصريح بممتلكاتهم
قالت الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، زينب العدوي، اليوم الثلاثاء، إن المحاكم المالية تتولى مسؤوليات رقابية محددة منها مهمة تتبع ومراقبة التصريحات بالممتلكات، استنادا الى أحكام الفصل 147 من الدستور، التي تروم تكريس مبادئ المساءلة والمحاسبة والشفافية وحماية المال العام وترسيخ قيم النزاهة وأخلاقيات المرفق العام.
وأوضحت زينب العدوي، في عرض لها أمام البرلمان، أن المجلس حرص على ممارسة هذا الاختصاص في إطار منظومة رقابية شاملة ترتكز على منهجية المراقبة المندمجة من أجل إقامة جسور بين هذا الاختصاص ومختلف الاختصاصات الأخرى الموكولة للمحاكم المالية، القضائية منها أو غير القضائية.
وأكدت العدوي أن المجلس قام خلال سنة 2021 بفحص عينة من التصريحات المودعة لديه من اجل النظر في كيفية تعبئة نموذج التصريح بالممتلكات وتتبع ومقارنة البيانات المضمنة به ومدى انسجامها من حيث الشكل.
وكشفت أن المجلس سجل ملاحظات تتعلق بتناقض بين التصاريح المتتالية لنفس الملزم وتأويلات متباينة للأصناف المكونة للممتلكات وإغفال الإشارة لبعض المعطيات ، وكذا عدم وضوح ومقروئية البيانات المدرجة.
و أكدت زينب العدوي، على أهمية إعادة النظر في نموذج التصريح المعتمد حتى يصبح واضحا وسهل الاستيعاب من طرف جميع الملزمين قصد الحد من هامش التأويل و الاختلاف في تحديد الغرض من البيانات موضوع التصريح.
ودعت العدوي إلى العمل على اعتماد التعبئة الإلكترونية للتصريح بالممتلكات قصد تيسير معالجة ومراقبة عدد أكبر من التصريحات، و تيسير الولوج إلى قواعد المعطيات لدى الإدارات والمؤسسات العمومية للتبادل الالكتروني للمعطيات مما من شأنه الزيادة في سرعة وفعالية البحث و التحري بشأن صحة المعلومات المصرح بها.
وسجلت من ناحية أخرى أن المجلس لاحظ إدراج موظفين وأعوان ضمن الملزمين رغم كونهم لا يمارسون مهاما أو صلاحيات ذات صلة بتدبير المال العام، نتيجة التوسع في إعمال السلطة التقديرية في تحديد المهام الموجبة للتصريح بالممتلكات، وبالمقابل سجل المجلس أيضا اختلافا وتباينا في المعايير المعتمدة لحصر قوائم الملزمين من طرف السلطات الحكومية، وداخل نفس القطاع أو الأجهزة المتماثلة، مبرزة أن ذلك أفضى إلى إعداد قوائم تفتقد لطابع الشمولية، مسجلة أن المجلس سجل تقصيرا على مستوى التحيين المنتظم للقوائم عند التعيين في المهام أو تغييرها أو انتهائها.
وقالت إن المجلس الأعلى للحسابات أوصى بإعادة النظر في تحديد المهام والسلط الموجبة للإدراج بقوائم الملزمين، وإضفاء طابع الشمولية على هذه القوائم بما يضمن تضمينها لجميع الملزمين وتفعيل الوظيفة الإشرافية والتأطيرية للسلطات المختصة فيما يخص إعداد وحصر تلك القوائم، وكذا السهر على التحيين المنتظم لها وفق التغييرات التي تطرأ على وضعيات الملزمين، داخل آجال معقولة.
وفي ما يخص تتبع إلزامية إيداع التصريح بالممتلكات، أشارت العدوي إلى أن عدد التصريحات بالممتلكات التي تلقتها هذه المحاكم بلغ ما مجموعه 7.803 تصريحا برسم سنة 2021، تتعلق بمختلف الفئات الخاضعة لهذا الاختصاص، المنتخبة منها (5.728 ملزما) والمعينة (2.075 ملزما)، بما فيها تصريحات أعضاء الحكومة (25 ملزما) وأعضاء مجلسي البرلمان المنبثقين عن الاستحقاقات الانتخابية لشتنبر 2021 (514 ملزما)، مسجلة أن العدد الإجمالي للتصريحات المودعة منذ سنة 2010 إلى غاية 30 مارس من سنة 2023، ارتفع إلى 450 ألف تصريحا تخص أكثر من 100 ألف ملزم، أغلبها يهم فئة الموظفين والأعوان العموميين بنسبة 90 في المائة (ما يناهز 405 ألف تصريح) فيما مثلت التصريحات المتعلقة بفئة المنتخبين 10 في المائة من إجمالي التصريحات المودعة أي ما يقارب 45 ألف تصريح بما في ذلك 264 تصريح لأعضاء الحكومة و4043 تصريح لأعضاء مجلسي البرلمان.
وتابعت أنه “بعد حصر وضعية الملزمين غير المصرحين من فئة الموظفين والأعوان وتوجيهها إلى السلطات العمومية في نونبر 2019 في إطار عملية تجديد التصريحات كل ثلاث سنوات التي صادفت فبراير 2019، واصلت المصالح المختصة بالمحاكم المالية عملية تبليغ الإنذارات إلى الموظفين والأعوان العموميين الذين لم يسووا وضعيتهم إلى غاية يوليوز 2022”.
وأكدت المتحدثة أن هذه العملية شملت 5.679 ملزما غير مصرح من مختلف الأجهزة العمومية، سواء المركزية منها أو اللاممركزة، حيث قام 4.173 ملزما بتسوية الوضعية عبر تقديم التصريح بالممتلكات الواجب لدى المحكمة المالية المختصة إلى حدود 20 أبريل، بينما لازال 1.506 ملزما لم يقدموا التصريح بالممتلكات الواجب، 780 منهم لم يدلوا بالتصريح بمناسبة انتهاء المهام.
أما بالنسبة للمنتخبين أعضاء مكاتب الجماعات الترابية والغرف المهنية المخلين بواجب التصريح بالممتلكات، أبرزت أن المجالس الجهوية للحسابات وجهت 5.021 إنذارا منذ 15 يونيو 2022، منها 1.228 موجهة للمنتخبين المخلين بواجب إيداع التصاريح الموالية لمباشرة المهام أو التجديد الدوري، فيما تم توجيه 3.793 إنذارا للمنتخبين المخلين بواجب إيداع التصريح الموالي لنهاية الانتداب.
وذكرت، في هذا الصدد، بأن الملزم من فئة منتخبي الجماعات الترابية أو الغرف المهنية أو الموظف أو العون الذي لم يقم بتسوية وضعيته في أجل 60 يوما من تاريخ توصله بالإنذار، يتعرض للعزل من عضوية مجلس الجماعة الترابية أو الغرفة المهنية بمرسوم معلل لرئيس الحكومة أو العزل من الوظيفة أو فسخ العقدة من طرف السلطة الحكومية التي لها حق التأديب، مشيرة إلى أنه عندما يتعلق الأمر بعدم التصريح بمناسبة انتهاء المهام أو الانتداب لأي سبب من الأسباب غير الوفاة، تتم إحالة الملف على الجهة القضائية المختصة قصد تطبيق العقوبات المنصوص عليها في القانون الجنائي.
وأوضحت في السياق ذاته أن “عضو مجلس البرلمان الذي لم يسو وضعيته رغم توصله بالإعذار يتعرض لفقدان الصفة البرلمانية بقرار تتخذه المحكمة الدستورية. كما يتعلق الأمر بالإخلال بالتصريح بمناسبة انتهاء المهام، تتم إحالة الملف على الجهة القضائية المختصة للبحث فيه”.