أحداث شغب فرنسا في مجرد رأي
لحسن كوجلي
إن ما يجري منذ بضعة أيام من أحداث شغب بالجمهورية الفرنسية على خلفية مقتل الشاب “نائل” من أصل جزائري، المتهم بعدم الامتثال لأمر رجل شرطة، ما هو الا تذكير بأنه ليس بمقدور أحد مهما بلغ من قوة، تحصين نفسه من الأزمات والاضطرابات والمصائب حينما يريد الله تعالى ذلك.
وهو تذكير أيضا لكل ظالم ومعتد وعنصري، بأنه ليس بقادر على حماية نفسه من غضب الرب حينما يفرضه على العبد، وتذكير بأنه ليس بمقدور أحد التنبأ بطبيعة الحالة التي قد تفتح عليه أبواب جهنم، زمنا ومكانا.
إن جمهورية فرنسا على سبيل المثال، واحدة من الامبراطوريات التي تجبرت وتعالت فوق الارض، ومضت على مر التاريخ في قتل الشعوب وتحقير دول وابتزازها وابتلاع خيراتها والتحريض ضد أخرى. بل قد وذهبت في عهد ماكرون الى محاولة الانقلاب حتى ضد حلفاءها الاستراتيجيين وضد العولمة الامريكية.
ومعروف عن ماكرون، كونه صاحب الدعوة الى تقليل التعامل مع أمريكا، وعدم تورط اوروبا في الصراع الامريكي الصيني، و بناء تحالف سياسي اوروبي بديل عن الاتحاد الاوروبي، وهو من وقف ضد ترشيح وزير الدفاع البريطاني لمنصب الامين العام لحلف النيتو، وهو صاحب دعوة انشاء قواعد جديدة لوقف الهجرة نحو اوروبا، والرافض لتغلغل المجتمعات الاسلامية في فرنسا، وصاحب فكرة دعوة الاعتماد على نظام مالي واقتصادي عالمي جديد.
إن ما يجري في فرنسا من اختفاء لتفوقها الفكري الذي تتغنى به امام العالم، هو حتما نتاج لغبائها ولنمط سياساتها المعلنة.
فرنسا الذي تخرج لاعطاء الدروس في الحقوق والاخلاق حينما يشتد الحال على دولة فقيرة، هاهي الآن تُسقى من كأس السم نفسه، ولم تجد لنفسها دواء تداوي به عِلَّتها.
فرنسا تشتعل، حرائق في كل مكان، في مراكز الشرطة، في مؤسسات الدولة، والمرافق العمومية، مضاهرات واضطرابات في كل مكان، اشتعال الشوارع، تعليق حركة المرور، نهب للبنوك ومتاجر للأسلحة ومتاجر الماركات العالمية، دفعت بالدولة الى تطويق مدن ومحاصرتها.
ولا غرابة اذا استمر الحال بهكذا مشاهد، في أن نرى نزول القوات المسلحة إلى الشوارع، وتعطيل البرلمان، والذهاب المبكر لإجراء الانتخابات وإسقاط ماكرون، وهو ثمن قد يدفعه الفتى الغبي، لقاء سياساته الفاشلة من جهة، و نظير ثمن سخط الله تعالى عليه من جهة أخرى.