يشهد المغرب جدلا واسعا هذه الأيام، خصوصا وسط الصحافيين، حول “الخرق” المتواتر لأخلاقيات مهنة الصحافة.
بدوره ، وجه فريق حزب “التقدم والاشتراكية” بمجلس النواب سؤالا كتابيا إلى وزير الشباب والثقافة والتواصل، المهدي بنسعيد، حول ضوابط حماية قطاع الصحافة من الدخلاء.
وقال الفريق في السؤال الذي وضعه البرلماني حسن أومربيط، إن الساحة الصحفية بالمغرب تعرف بروز بعض المنابر والوجوه والقنوات والإذاعات والمواقع الإلكترونية، التي لا تمت لمهنة الصحافة بأي صلة، حيث تم إنشاؤها خارج الضوابط القانونية، وما تمارسه هو الاسترزاق باسم العمل الصحفي.
وأكد أن هذه الوضعية كانت وراء بروز عدد من التجاوزات على مستوى أخلاقيات المهنة وقواعد الممارسة الصحفية، وتناسل كبير لممتهني صحافة الاسترزاق.
وأشار أن المشهد الإعلامي الوطني، أصبح يعجز في السنوات الأخيرة، بالعديد من الظواهر الغريبة على “السلطة الرابعة”، وفي طليعتها اجتياحه من قبل العديد من المتطفلين والمتزلفين، والسماسرة والنصابين والمسترزقين.
ونبه الفريق إلى أن التساهل مع هذه الوسائط و الأشخاص جعل الممارسة الصحفية النبيلة مهنة من لا مهنة له، وهو ما ينطوي على تهديد حقيقي للصحفيين المهنيين الذين راكموا تجارب مهنية وعلمية طويلة، وعلى موضوعية ومصداقية ونزاهة المحتويات الإعلامية المنشورة.
وأكد المصدر ذاته، أن هذه الوضعية كانت وراء بروز عدد من التجاوزات على مستوى أخلاقيات المهنة وقواعد الممارسة الصحفية، وتناسل كبير جدا لممتهني صحافة الاسترزاق، فتعدد جامعو وناشرو الأخبار بشكل عشوائي، والذين أصبحت منشوراتهم، خصوصا الإلكترونية، تحظى بمتابعة واسعة.
واعتبر أومريبط أن “التساهل مع هذه الوسائط والأشخاص جعل الممارسة الصحفية النبيلة مهلة من لا مهنة له، وهو ما ينطوي على تهديد حقيقي للصحفيين المهنيين الذين راكموا تجارب علمية ومهنية طويلة جدا، وعلى موضوعية ومصداقية ونزاهة المحتويات الإعلامية المنشورة”.
وطالب الفريق النيابي للتقدم والاشتراكية الوزير بنسعيد بالكشف عن الإجراءات التي ستقوم بها وزارته بتنسيق مع باقي الهيئات والمؤسسات المختصة، لضبط ممارسة مهنة الصحافة، وأيضا الآليات التي ستعتمدها الوزارة لمواجهة منتحلي صفة الصحفي.
صحيح أنه أخيراً، لاحظنا تطفل العديد من “العاطلين عن العمل” على الصحافة، وتابعنا الإقبال المنقطع النظير من طرف غرباء ومتطفلين على المشهد الإعلامي، فتذبذَب هذا الأخير، وبعدها فقد المواطن ثقته في كل الوسائل الإعلامية، فلا برامج إذاعية تلبي احتياجاته ولا برامج تلفزيونية تتطلع لهمومه، ولا جرائد تضطلع بدورها من أجل الإخبار والتثقيف.
هكذا وجد المواطن نفسه في عداء أمام الصحافة، وامتنع عن اقتنائها، بعدها وجد نفسه أمام سيل كبير جداً من الصحف الإلكترونية، وشتان بين صحفية إلكترونية وأخرى، فقدَ بعدها عقله حين بدأت المواقع تتناسل دون توقف، وصارت الفضائح والأكاذيب والأخبار المزيفة مواد صحفية لهذه المواقع، تقتحم بها جدران رواد مواقع التواصل الاجتماعي، فلا يمكن لهذا المواطن إلا أن يصاب بدوار ينتهي به بالحمى ثم القيء، هذا إن لم يصب بالجنون.
ورغم صمود ما تبقى من المؤسسات الإعلامية النزيهة والتي تحترم أخلاقيات المهنة، سواء التلفزيون أو الصحف الورقية أو مواقع الكترونية، إلا وهي تعاني ضحالة وتفاهة ما يكتب وينشر على أساس أنه عمل صحفي، والحقيقة أنه غوغاء وتفاهة وكلام فارغ أجوف، لا تهدف المؤسسة منه سوى تحقيق الربح أو خدمة مصلحة، فنحن اليوم، صرنا نتابع مشهداً إعلامياً يُجلد فيه السياسيون والفاعلون المدنيون، وكأن الصحافة منجنيق لدس كل الأحقاد وشن الحروب والتطاحن بين الجميع، فصارت مهمة ذاك “الصحفي” هي خلق أخبار مزيفة، وتأويل كلام بشكل خاطئ، ونشر صور مفبركة وفيديوهات مركبة لشن الحرب على جهة أخرى.
هل هذا هو الصحفي؟ هل هذه مهنة من لا مهنة له؟ هناك أسماء إعلامية عظيمة، وحده التاريخ ينصفها ويشهد لها بمهنيتها واستحضارها للضمير المهني، لكن ما الذي يحدث اليوم؟ ماذا تغير؟ حتى صرنا أمام صحافة صفراء، وصحفيين يبيعون الخبر، يبيعون ضميرهم ثم بعدها يضعون الصحافة على حافة الانتحار.. كل هذه السلوكيات تضر بالمهنة وبالقطاع بشكل عام، فالمبدأ هو: الصحافة مهنة نبيلة، يحكمها تنظيم وقوانين منظمة: قانون الصحافة والنشر، قانون الصحفي المهني، أخلاقيات المهنة وغيرها من الضوابط التي على الصحفي الالتزام بها.