تحديات جيوسياسية ومناخية تخيم على مضامين مشروع قانون المالية 2024
من المرتقب أن يحال مشروع قانون مالية 2024 على مجلس النواب في غضون الأسبوع الجاري لينطلق النقاش حول مضامينه،ثم دراسته والتصويت عليه،قبل أن يحال على الغرفة الثانية.
وأكد نواب برلمانيون أن الميزانيات الفرعية في هذا القانون ينبغي أن تركز على إعمار المناطق المتضررة من الزلزال الذي ضرب المملكة، فيما قال آخرون إن القانون المالي المقبل لن يختلف عن سابقيه بالنظر إلى التحديات الجيوسياسية والمناخية التي يعيشها المغرب.
واعتبر برلماني عن التجمع الوطني للأحرار يو سف شيري،أن هذا القانون يشكل خطوة مهمة أمام التحديات الكبيرة التي تنتظر الحكومة، مبرزا أن الملك محمد السادس قدم الخطوط العريضة لبرنامج عمل الحكومة.
وأكد يوسف شيري،على التفاعل الإيجابي مع الأحداث التي تقع بالمغرب،وأولها “زلزال الحوز”،الذي أظهر خلاله المغرب أنه بلد قوي بشعبه وملكه، مشيرا إلى أن الملك تدخل في الساعات الأولى بإجراءات وقرارات ينبغي للبرلمان أن ينخرط فيها بالمصادقة على مجموعة من القوانين.
وأضاف أن لجنة المالية يجب أن تركز في الميزانيات الفرعية لكل قطاع على هذه المناطق الست: مراكش، الحوز، شيشاوة، أزيلال، تارودانت وورززات.
وشدد على ضرورة إيلاء الأهمية للبنيات التحتية،بما فيها الطرقات والمؤسسات التعليمية والاقتصادية، وخلق فرص الشغل لتكون أحسن مما كانت عليه من قبل.
وقال رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب إدريس السنتيسي،إن مشروع قانون المالية لسنة 2024 لن يكون مختلفا عن قانوني المالية السابقين، سواء من حيث البنية أو التركيبة او التوقعات،مضيفا “لا تبدو في الأفق مؤشرات بخصوص ارتفاع معدل النمو أو تقليص العجز أو تحقيق ما تم توقعه خلال الاجتماع السنوي للجنتي المالية بمجلسي البرلمان خلال شهر يوليوز”.
واضاف أن هذا ليس تشاؤما،بل هناك إكراهات جيوسياسية ومناخية وظرفية وطنية ودولية صعبة لا تخلو من تأثير على ماليتنا.
وتساءل المتحدث عن سبل تمويل العديد من الأوراش والمشاريع الكبرى في ظل مداخيل تعتمد على قرابة 90 بالمئة من المداخيل الضريبية،في حين لا تتعدى الإيرادات غير الضريبية 7 بالمئة في أحسن الأحوال.
ومبرزا أن الحل هو الاقتراض الداخلي والخارجي،وهو أمر أصبح متاحا بعد تحسن الوضعية التفاوضية للمغرب على ضوء حذفه من اللائحة الرمادية لمجموعة غافي والاتحاد الأوربي.
وتابع القيادي الحركي أن المغرب استفاد من خط ائتمان مرن من صندوق النقد الدولي، لكن الحكومة مطالبة بإيجاد حلول وهوامش مبتكرة للتمويل.
فهناك واجهات اقتصادية واجتماعية متعددة مفتوحة كتدبير ندرة المياه وبناء محطات للتحلية ومعالجة المياه العادمة وتحويل المياه، وهناك الأوراش المرتبطة بالطاقة،بالإضافة إلى الورش الملكي المتعلق بالحماية الاجتماعية وما يرتبط به من تغطية صحية واجتماعية وتعميم للتعويضات العائلية والدعم الاجتماعي المباشر ودعم المسنين وإصلاح التقاعد والارتقاء بالمنظومة الصحية وإصلاح التعليم والتعويض عن فقدان الشغل.
ومن بين الانتظارات أيضا،يضيف المتحدث،إشكالية التضخم وارتفاع الأسعار التي تتطلب مقاربة متجددة للمعالجة، مبرزا أن هناك حلين يجب على الحكومة أن تنكب عليهما، يتعلق الأول باتخاذ التدابير الكفيلة بتوسيع فرص الشغل وتحسين القدرة الشرائية، والثاني يهم تحسين الأجور بالنسبة للموظفين والأجراء حتى لا تنهار هذه الفئة أو تتآكل، خاصة الطبقة المتوسطة.
وأوضح السنتيسي أن المنتظر هو إصلاح ضريبي حقيقي،لاسيما الضريبة على الدخل التي لم يطرأ أي تغيير على نسبتها (38 بالمئة) منذ سنة 2010، مضيفا “نتمنى أن تكون هناك عدالة واستقرار ضريبي يعطي ضمانة وطمأنة للمستثمر بدل التغييرات التي تعرفها القوانين المالية السنوية”.
وخلص إلى أن سمة مشروع قانون المالية المقبل هي ارتفاع النفقات مقابل الموارد، أخذا بعين الاعتبار أن السنة المالية المقبلة ستتأثر بتداعيات زلزال الأطلس الكبير، وحتمية تقليص التفاوتات الاجتماعية والمجالية، وأيضا الاستثمارات المرتبطة بالاستحقاقات الرياضية القارية والعالمية، وسنرى إلى أي حد ستبدع الحكومة الحلول الملائمة في المشروع المقبل.