ألحان العصور الوسطى السويسرية تصدح بمهرجان فاس
وسافر هذا الحفل الموسيقي، الذي نُظم بالتعاون مع السفارة السويسرية بالمغرب، ومعهد الموسيقى ببازل “سكويلا كانتوروم بازيلينسيس” السويسري، بالجمهور إلى عوالم الألحان العريقة التي تعود إلى القرن الخامس عشر، من خلال أداء استثنائي سلط الضوء على الثراء والتأثير الموسيقي آنذاك.
وقدمت الفرقة، المكونة من أساتذة وطلاب موهوبين من معهد “سكويلا كانتوروم باسيليانسيس”، مقطوعات موسيقية آسرة سلطت الضوء على أعمال الملحن الشهير “جيل بينتشوا”، حيث كان لموسيقاه، التي اقتبسها معاصروه على نطاق واسع، تأثير بالغ على المشهد الموسيقي البورغندي.
واستكشف الحفل الموسيقي مؤلفات “بينشويس”، و”زاكارا دا تيرامو ويوهانس سيكونيا”، المستمدة من مخطوطة “كراسينسكي كراكوف”، وتوفر هذه المخطوطة، التي تم حفظها من التلف بأعجوبة خلال الحرب العالمية الثانية، رؤية قيمة عن الموسيقى العالمية العريقة إبان أوائل القرن الخامس عشر.
ويرى الأستاذ والموسيقي بمعهد “سكويلا كانتوروم” ببازل، بابتيست رومان، أن هذا الحفل الموسيقي المنظم يقدم انغماسا في الموسيقى العريقة متعددة الألحان التي تعود لأواخر العصور الوسطى وبداية عصر النهضة، وهي فترة محورية ميزت الانتقال بين هذين العصرين.
وقدمت الفرقة، برفقة أربعة طلاب من المؤسسة السويسرية، الذين تدربوا معهم على هذه المقطوعات الموسيقية طوال السنة، أعمالا ترمز إلى جوهر الموسيقى العريقة خلال العصور الوسطى.
وشدد السيد رومان على الارتباط الوثيق بين هذه المقطوعات الموسيقية وغيرها من المقطوعات الموسيقية المقدمة خلال مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، مسلطا الضوء على التنوع الغني للتعبيرات الموسيقية العريقة عبر العصور.
وبأدائهم الرائع، أبهر العازفون الجمهور بأغاني موسيقية صوتية ساحرة ورائعة، وسافروا به إلى عالم من الألحان التي تجسد التراث الموسيقي لأوروبا.
وأبرز السفير السويسري بالمغرب، غيوم شورير، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أهمية مشاركة “سكويلا كانتوروم بازيلينسيس”، المعهد النخبوي المتخصص في الموسيقى العريقة، والذي قدم خبرته خلال هذا الحفل الاستثنائي.
وشدد على طموح السفارة السويسرية في المشاركة في هذا المهرجان المعروف لدى عشاق الموسيقى وعشاق المغرب، ولكنه يتمتع أيضا بسمعته في سويسرا وفي جميع أنحاء العالم.
من جانبه، أكد عبد الرافع زويتن، رئيس مؤسسة روح فاس، التزام المهرجان بالابداع والانفتاح على الثقافات الأخرى.
وأضاف أن “هذه السنة، وبفضل مساهمة السفارة السويسرية، استقبل المهرجان فرقتين لتسليط الضوء على جانب من جوانب الثقافة السويسرية الغنية”.
وأعرب عن أمله في أن يتعزز هذا الحضور السويسري خلال الدورات المقبلة، مما يعزز روح التبادل الثقافي الذي يجسده مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة.
ويهدف مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تحت شعار “شوقا لروح الأندلس” في الفترة ما بين 24 ماي وفاتح يونيو، إلى إبراز فترة التعايش السلمي ما بين الديانات في تاريخ الأندلس من القرن 8 إلى غاية القرن 15، تلك الحقبة التي اعتبرت “زمنا ذهبيا” لازالت روحه حاضرة بالمغرب.
وتحل إسبانيا ضيف شرف هذه الدورة من خلال برمجة تتضمن عروضا فنية تمتزج فيها الألوان الموسيقية لكلا البلدين، شاهدة بذلك على عمق وتجذر الروابط التاريخية والأخوية التي تربط شبه الجزيرة الإيبرية بالمملكة المغربية، استشرافا لمستقبل مشرق وواعد للمملكتين.
ووفاء لروح فاس، تقترح هذه الدورة برمجة متنوعة ومنفتحة على ثقافات وروحانيات من مختلف البقاع، حيث تلتقي خلال هذه النسخة نخبة من الموسيقيين المشهورين يمثلون عدة بلدان، ويتعلق الأمر، على الخصوص، بنيسم جلال من أصل سوري، ونيديالكو ونيديالكوف كارتيت (بلغاريا)، وخديجة العفريت (تونس)، ووليد بنسليم، ويونغ موسيكيان أوربين أركيسترا ، ومادالينا (جوق نسائي)، بالإضافة إلى أمسيات صوفية.c