وتأكيدا على إيمانها الراسخ بأهمية الاستثمار في الرأسمال البشري، لاسيما الأجيال الصاعدة، ما فتئت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي تخلد هذه السنة الذكرى التاسعة عشر لانطلاقتها تحت شعار “الألف يوم الأولى، أساس مستقبل أطفالنا”، تضاعف الجهود بهدف تعزيز صحة الأم والطفل وتحسين مستوى التغذية لدى الأطفال على مستوى هذه الربوع من التراب الوطني.
وتجسد هذه المساهمة، الذي تندرج في إطار برنامج “الدفع بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة” للمرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، الاهتمام الخاص الذي توليه اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية بأوسرد للعناية بصحة الأم والطفل، وتحسين ظروف ما قبل الولادة وما بعدها.
وتهدف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، من خلال هذا الدعم المتواصل، إلى تقليص معدل وفيات الأمهات والأطفال عند الولادة، ومكافحة سوء التغذية، والوقاية من تأخر نمو الأطفال في سن مبكرة، من خلال توفير معدات طبية وبيوطبية حديثة في هذه المراكز من أجل تتبع الولادة، والتشخيص المبكر لصحة حديثي الولادة والرضع، والمضاعفات المتعلقة بالحمل.
وفي هذا الإطار، تعمل اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية بأوسرد على مضاعفة الجهود بهدف الاستجابة لاحتياجات المنشآت الصحية، لاسيما أقسام الولادة والأمومة، من حيث التجهيزات والمعدات الطبية والبيو-طبية المخصصة لدعم تتبع النساء الحوامل، وتعزيز وسائل التكفل بحديثي الولادة.
وحسب مجال التدخل، تتضمن مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بإقليم أوسرد بالنسبة لمحور صحة الأم والطفل، على الخصوص، اقتناء معدات طبية – غذائية، وتنظيم قافلة طبية، وحملات تحسيسية، بالإضافة إلى دراسات وتكوينات ووسائل التواصل للتطوير.
وقال رئيس قسم العمل الاجتماعي بعمالة إقليم أوسرد، ابراهيم ازريكينات، إن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بأوسرد ساهمت بـ 5.78 مليون درهم في برنامج “الدفع بتنمية الرأسمال البشري للأجيال الصاعدة” من أجل تمويل 57 مشروعا، من بينها 12 مشروعا يتعلق بدعم صحة الأم والطفل بغلاف مالي بلغ 1.52 مليون درهم، بنسبة مساهمة بلغت 100 في المئة.
وأضاف، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه في إطار دعم المجال الصحي، ساهمت اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية في إنجاز مجموعة من المشاريع التي تتمحور، على الخصوص، حول محور صحة الأم والطفل، من بينها مشروعان لاقتناء تجهيزات طبية خاصة بالمركز الصحي بئر كندوز لفائدة الأم والطفل بكلفة ناهزت 600 ألف درهم.
وأشار السيد ازريكينات، كذلك، إلى مجموعة من المشاريع والأنشطة التي يتم تنظيمها داخل هذا المركز الصحي، بتنسيق مع المندوبية الإقليمية لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية بأوسرد، لاسيما تلك التي تتعلق بتنظيم حملات طبية وأنشطة توعوية وتحسيسية خاصة بهذا المحور.
من جانبه، أبرز المندوب الإقليمي لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، الحبيب باعزيز، أن مندوبية الصحة استفادت، وفق مقاربة تشاركية، من دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي ساهمت بمجموعة من التجهيزات والمعدات الطبية التي ستُمكّن من تأمين إجراء الولادات في ظروف جيدة.
وأوضح السيد باعزيز، في تصريح مماثل، أن دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية مكّن من اقتناء شاحنة تبريد يتم استخدامها في نقل كل ما يتعلق بمشتقات الدم والتلقيح والأدوية التي تحتاج إلى شروط حفظ ملائمة تتراوح ما بين 2 و6 درجات حرارة، كالأنسولين والأدوية التي تساعد على الولادة.
وأشار إلى أن مساهمة المبادرة مكّنت من اقتناء وحدة طبية متنقلة لمساعدة أطباء العيون والأشعة على إجراء الفحص والتشخيص، بغلاف مالي يتجاوز ثلاثة ملايين درهم، بالإضافة إلى سيارتي إسعاف مجهزتين بشكل جيد تم التوصل بهما في وقت سابق.
وهكذا، يجسد المركز الصحي القروي المستوى الثاني ببئر كندوز الانخراط القوي والمتواصل للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية لفائدة النهوض بصحة الأم والطفل على مستوى إقليم أوسرد.
ويوفر هذا المركز الصحي، الذي تم إحداثه في 2005، خدمات صحية وقائية وعلاجية، من بينها المراقبة الوبائية واستشارات في الطب العام والعلاجات التمريضية، وتتبع صحة الأم والطفل والأمراض المزمنة وصحة الشباب والمراهقين، بالإضافة إلى الصحة المدرسية.
كما يعمل المركز المذكور، الممتد على مساحة 415 متر مربع، على تأمين خدمات للتواصل والتربية على الصحة والتثقيف والعلاجات التوليدية الأساسية في الحالات المستعجلة والتحاليل البيولوجية الأساسية اللازمة لتتبع صحة النساء الحوامل والفحوصات بالصدى للأمراض المزمنة وللتوليد.
وبفضل مساهمة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، يتوفر المركز الصحي القروي المستوى الثاني ببئر كندوز على وحدة للولادة تصل سعتها إلى 8 أسرة، وتقدم خدمات طبية مستعجلة وعلاجات الأسنان واستشارات في مجال الصحة العقلية.
وتضم هذه المنشأة الصحية، كذلك، عدة قاعات للعلاج، وقاعة للتصوير بالأشعة، وقاعة للتلقيح، وقاعة للولادة، وصيدلية وغيرها.
وتجدر الإشارة إلى أن المغرب أحرز تقدما مهما في مجال صحة وتغذية الأم والطفل، بفضل تضافر جهود مختلف المتدخلين والأطراف المعنية بإرساء البرامج والاستراتيجيات الهادفة إلى ضمان الولوج إلى الخدمات العلاجية لتحسين والحد من وفيات الأمهات والأطفال الخدج.