ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء يلهب جيوب المواطنين
بعد مرور بضعة أسابيع على نهاية عيد الأضحى واستئناف المسالخ لأنشطتها الاعتيادية، شهدت أسعار اللحوم الحمراء ارتفاعاً صاروخياً خلال الأيام القليلة الماضية. حسب ما أوضحه بعض المواطنين، فإن ثمن الكيلوغرام الواحد من لحم الخروف وصل إلى 120 درهماً، بينما يتراوح سعر الكيلوغرام الواحد من الأبقار ما بين 110 و120 درهماً حسب نوعية اللحم.
هذا الارتفاع المفاجئ جعل المواطن المغربي يطرح تساؤلات عديدة حول أسبابه مباشرة بعد نهاية مناسبة عيد الأضحى، مبدياً “تذمره” من هذا الوضع.
في حديث حول الأسباب الكامنة وراء هذا الارتفاع، أوضح عبد الحق بوتشيشي، رئيس الجمعية الوطنية لتقنيي تربية المواشي، أن السعر يخضع بشكل مباشر لقانون العرض والطلب، وأن الوضع الحالي يبرز تراجع القطيع الوطني إذ لم يعد الجزار يجد القطيع الكافي من أجل ذبحه.
وعزى المتحدث هذا المعطى إلى عيد الأضحى، حيث تم ذبح نسب كبيرة من القطيع المتوفر، ناهيك عن الثمن المرتفع بسبب إقبال مربي المواشي على شراء القطيع من أجل تجهيزه لعيد الأضحى المقبل، مما أدى إلى ارتفاع التكلفة بنسبة 100% مقارنة مع سنة عادية.
وأضاف أن وجود الشناقة والمضاربين زاد الطين بلة، ما جعل الجزار غير قادر على شراء الخروف، الذي أضحى ثمنه لا يقل عن 2500 درهم بالنسبة لخروف لا يتجاوز وزنه 20 كيلوغراماً.
المعطيات المتوفرة، حسب بوتشيشي، تطرح تساؤلات جوهرية حول إمكانية إلغاء عيد الأضحى المقبل، وهو الأمر الذي يؤكد وجوب تدخل وزارة الفلاحة بهدف تقييم الوضع الحالي ومعرفة ما يحتاجه السوق الوطني، كون أن السياسة الحالية ستساهم في استنزاف المخزون الاستراتيجي للقطيع، وهو أمر خطير، وفق تعبيره.
واستنكر المتحدث ذاته استمرار السياسة المتعلقة بذبح الخروفة والنعجة، متسائلاً إلى أين؟ كون أن أنثى الخروف هي أساس بناء القطاع الوطني، ما يؤكد وجوب الحسم في منع ذبح الخروفة، على حد قوله.
وأشار رئيس الجمعية الوطنية لتقنيي تربية المواشي، إلى أن وزارة الفلاحة عملت بشراكة مع وزارة الداخلية على توقيع مذكرة سنة 2022 تقر بمنع ذبح أمهات صغار المجترات، وهو ما يشمل الخروفة أو النعجة، إلا أن تنفيذ هذا القرار لم يتم بعد.
وشدد عبد الحق بوتشيشي على وجوب تقييم الوضع من أجل اتخاذ قرارات بعينها، تمكننا من معرفة الإجراءات الواجب اتخاذها، وحول هل ستستمر الدولة في دعم الخروف المستورد الموجه للمجازر من أجل تخفيف العبء على القطيع الوطني؟ أم سنعمل على إلغاء عيد الأضحى؟
وأكد المتحدث وجوب الجلوس مع المهنيين والتشاور معهم من أجل إيجاد الحلول المناسبة لما يعيشه القطاع من أزمة، خاصة مع استمرار موجات الجفاف وتراجع القطيع.
وأردف المهني أنه من الضروري رفع تقارير تتضمن الأرقام والمعطيات والأثمنة المرتبطة بالوضع الحالي، وتوجيهها إلى جلالة الملك، للنظر فيها للحسم في مدى إمكانية إلغاء عيد الأضحى المقبل.
وأوضح بوتشيشي أن الخيار الأخير أمام الجهات المسؤولة هو الاستمرار في نهج سياسة الاستيراد المخصصة للمجازر، مما سيساهم في تخفيف الضغط على القطيع الوطني وتخصيصه لعيد الأضحى.
وأفاد رئيس الجمعية الوطنية لتقنيي تربية المواشي أن سياسة الاستيراد لم تكن لها آثار ملموسة على المواطنين، كما أنها تساهم في استنزاف ميزانية الدولة.
وشدد المتحدث على وجوب تحديد سقف الأثمنة المتعلقة بالأغنام المدعمة على غرار ما يتم القيام به مع مختلف المنتجات، وذلك بهدف لمس أثرها الإيجابي على المواطنين.
وخلص عبد الحق بوتشيشي حديثه بالإشارة إلى وجوب الاهتمام “بحيوانات العمل” أيضاً، من خلال تحديد هياكل تهتم بهذه الحيوانات لحمايتها، خاصة وأنها تدخل بدورها في القطيع الوطني.
جدير بالذكر أن قطاع اللحوم الحمراء بالمغرب يشهد اضطرابات ملحوظة في الأسعار، حيث ارتفعت بنسبة 20% خلال الفترة الأخيرة، وذلك وفقًا لتصريحات وزير الفلاحة. ويُعزى هذا الارتفاع إلى عوامل متعددة، أبرزها ازدياد تكاليف الإنتاج، وتدهور الغطاء النباتي للمراعي وقلة الكلأ، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الأعلاف عالميًا، مما انعكس على أسعار الأعلاف المنتجة محليًا (30%) والمستوردة (15%).
وحسب ما أكده وزير الفلاحة، فإن الجفاف الذي ضرب المملكة خلال السنوات الثلاث الماضية قد أثر بشكل كبير على القطاع الفلاحي، بما في ذلك القطيع الوطني، حيث انخفضت أعداد الماشية، وتراجعت مردودية الإنتاج، مع تسجيل اختلال على مستوى توازن تكاثر القطيع.