يبدو لي أن المرأة التي تكتب من صنف خاص ؛ عرق نقيّ لا تشوبه شائبة و غير قابل للتلوث، تطهّر نفسها دائما بالكتابة.
دائما ما تجدها تكتب نفسها و تعيد اختراع أنوثتها، إنها المرأة التي لا تقبل القسمة على اثنين و تفوق قريناتها شكلا و صقلا و إبداعا، إن الكتابة بالنسبة لها ، شكل من أشكال العبادة بعد الصلاة ؛ بها تدلل نفسها و ترثي هزائمها و تفخر انتصاراتها.
إن العرق الآري الحقيقي هو المرأة الكاتبة .
التي تجيد الكتابة، التي إن خيرتها بينك و بين الكتابة، اختارت أن تدفنك وسط عباراتها ، بالموت خنقا بين الأبجدية و الرفوف، بين ضحكات الصديقات و العاشقين…
لا شيء أجمل من امرأة تفكر، صدقني، لا شيء أجمل من امرأة تكتبك.
ستجد شظايا أجساد هنا و هناك ، نساء جميلات، و عيون خضراء و زرقاء .
لكنك نادرا ما تصادف امرأة تفكّر، لأن النساء المفكرات غير متاحات و لا يتواجدن في الأماكن العامة.
و لا يبحثن عن أنصاف الرجال.
و النساء الكاتبات لا يتواجدن حيث يتواجدن الأخريات.
ولا أحاديثهن أحاديث الأخريات، لا ولن تجدهن يتصرفن تصرفات الأخريات.
و الكاتبات قارئات بالضرورة ، و القارئات نادرا ما يجدن الكتابة.
لأن فعل الكتابة أسهل عند النساء من وضع أحمر الشفاه ، و فعل الكتابة عندهن فعل اختيار و فعل انتصار…
نادرا ما صادقتُ الكاتبات، ربما مرة أو مرتين .
و دائما ما تحولت صداقتنا لقصة ” عاطفة ” .
باختصار ؛ دائما ما أسقط بفعل الإرادة، لأن المرأة الكاتبة عندي ضرب من الخيال.
و نادرا ما أتفق مع الكاتبات ، لأسباب روحية لا أدري مأتاها.
و كأن بك تتكلم عن نجمان، هل يلتقي نجمان؟
و كأن بك تتحدث عن موجبان أو سالبان ، هل يلتقي سالبان و موجبان ؟
في المنطق نعم.
لكن العاطفة شيء آخر، فنادرا ما ترتقي الشواهق في سحابة واحدة.
و نادرا ما تنجح قصص الحب بين كاتب و كاتبة، و نادرا ما يخفض الواحد منهم جناحه للآخر…
أن تحب كاتبة، الأمر شبيه بالهاتف في وضعية طيران، مشتغل و لكنه غير متصل بالأسلاك الكهرميغناطسية.
أن تحب كاتبة، يعني أن تتنازل ، أن تحب كاتبة، يعني أن تسامحها دائما، وهذا ما ليس من صفات الكاتب، ما ينتج فوضى بين الشواهق ، و يخيب ظن الحب و الكتابة ..