في حين تم منع روسيا من المشاركة في الألعاب الأولمبية، ضمن دورة باريس 2024، بسبب حربها على أوكرانيا. لم تواجه “إسرائيل” عقوبة مماثلة على الرغم من صدور دعوات عديدة لاستبعادها. وقد أثار هذا التناقض أسئلة حرجة حول نزاهة اللجنة الأولمبية الدولية (IOC)، وحول اتساق قراراتها.
ويستند قرار اللجنة الأولمبية الدولية, القاضي بحظر روسيا من المشاركة في الألعاب الأولمبية إلى انتهاك روسيا للهدنة الأولمبية، وهو مبدأ أساس، وجزء من التقليد المتبع، ويهدف إلى تعزيز السلام في أثناء الألعاب. واعتبرت تصرفات روسيا في أوكرانيا، بما في ذلك ضم الأراضي والغزو نفسه، بمثابة انتهاكات واضحة للميثاق الأولمبي. ونتيجة لذلك، لم يسمح للرياضيين الروس بالمنافسة إلا تحت علم محايد، وبدون إبراز هويتهم الوطنية، سواء في أثناء المشاركة، أو الفوز، بما يشمل سماع النشيد الوطني ورفع العلم الروسي.
وفي تناقض صارخ، فإن مشاركة إسرائيل في الألعاب الأولمبية في دورة باريس 2024، على الرغم من حرب الإبادة في قطاع غزة والضفة الغربية، لم تقابل بنفس الإجراءات العقابية. وقد أسفرت حرب الإبادة المستمرة حتى في أثناء الألعاب الأولمبية عن استشهاد عشرات الآلاف من الفلسطينيين، بمن في ذلك رياضيون فلسطينيون، وتدمير شامل للمرافق الرياضية في القطاع. ودعت منظمات رياضية فلسطينية وعربية، بالإضافة إلى العديد من النشطاء والسياسيين الدوليين، إلى منع إسرائيل من المشاركة في الألعاب الأولمبية، مشيرة إلى سوابق اللجنة الأولمبية الدولية الخاصة مع روسيا.
إسرائيل في الألعاب الأولمبية
تم تشكيل اللجنة الأولمبية الإسرائيلية في العام 1933، على الرغم من أن إسرائيل بدأت المشاركة في الألعاب الأولمبية بانتظام فقط من العام 1952، وذلك في أولمبياد هلسنكي (فنلندا). ومنذ ذلك الحين، كانت إسرائيل مشاركا ثابتا في الألعاب الأولمبية الصيفية، باستثناء أولمبياد موسكو في العام 1980، التي قاطعتها مع العديد من الدول الغربية احتجاجاً على الغزو السوفياتي لأفغانستان. وبدأت إسرائيل المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في العام 1994 في ألعاب ليلهامر.
ومنذ العام 1992 (عندما حصلت إسرائيل على الميدالية الأولى في تاريخ الألعاب الأولمبية)، فازت إسرائيل بما مجموعه 13 ميدالية، بما في ذلك 3 ميداليات ذهبية، وميدالية فضية واحدة، و9 ميداليات برونزية.
في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية للعام 2024 في باريس، يتكون الوفد الإسرائيلي من 88 لاعباً يشاركون في 16 رياضة هي الرماية، والسباحة الفنية، والماراثون، وتنس الريشة، وركوب الدراجات، وسباق الطريق، وسباق السرعة للرجال، وركوب الدراجات الجبلية، والفروسية، والقفز الجماعي والفردي، والمبارزة، وكرة القدم، والجمباز، والجودو، والإبحار، والرماية، وركوب الأمواج، والسباحة، والتايكوندو، وسباق التراياثلون (سباق ماراثوني يشمل ثلاث مراحل متتالية هي السباحة، الدراجات الهوائية والركض).
مقاطعة “إسرائيل” ضمن الرياضة الدولية في أثناء الحرب
إن الدعوات لمقاطعة “إسرائيل” في الرياضة الدولية ليست جديدة، وكانت مكثفة بشكل خاص بسبب الصراعات المستمرة.
ودعت منظمات رياضية فلسطينية ومنظمات رياضية من دول عربية لفرض عقوبات على “إسرائيل”. ومنع مشاركتها في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2024. وذلك بسبب الحرب التي تشنها على قطاع غزة. وقد سلطت هذه الدعوات الضوء على المخاوف بشأن تأثير الحرب على الرياضيين الفلسطينيين والمرافق الرياضية.
وهذه أبرز نماذج تلك الدعوات:
نداء الأندية الرياضية الفلسطينية: في يناير 2024. حيث دعا أكثر من 300 ناد رياضي فلسطيني إلى منع “إسرائيل” من المشاركة في أولمبياد 2024. بعد أن قتلت الغارات الجوية الصهيونية مدرب فريق كرة القدم الأولمبي الفلسطيني. وألحقت أضراراً بمقر اللجنة الأولمبية الفلسطينية في قطاع غزة.
الاتحاد الأردني لكرة القدم: دعا لفرض حظر رياضي عالمي على إسرائيل.
الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم: طلب من اللجنة الأولمبية الدولية واتحاد الفيفا التحقيق في الجرائم ضد الرياضيين الفلسطينيين، وأشار إلى أن أكثر من 400 رياضي ومدرب ومسؤول قتلوا أو جرحوا على أيدي الجيش “الإسرائيلي” منذ بدء الحرب على غزة.
المشرعون الفرنسيون: كتبت مجموعة من 26 مشرعا، معظمهم من الأحزاب اليسارية، إلى اللجنة الأولمبية الدولية تصر على أن الرياضيين “الإسرائيليين” يجب أن يتنافسوا تحت علم محايد على غرار الرياضيين الروس والبيلاروس.
منظمات حقوق الإنسان والناشطون: استشهدت هذه الجماعات بميثاق اللجنة الأولمبية الدولية، مؤكدة على عدم التمييز والحق في ممارسة الرياضة، بحجة أن تصرفات “إسرائيل” تنتهك هذه المبادئ، وبالتالي يجب منعها من المشاركة في الألعاب.
وفي أعقاب الهجمات “الإسرائيلية” على ملعب “اليرموك”، طلب الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم من اتحاد الفيفا إدانة “إسرائيل”. بالإضافة إلى ذلك، أيد 200 رياضي أيرلندي هذا الإجراء. وطالبوا باستبعاد “إسرائيل” من الألعاب الأولمبية. كما هدف مؤتمر صحافي في بيروت بعنوان “أوقفوا الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني” إلى منع “إسرائيل” من المشاركة في أولمبياد “باريس”.
وجاء في رد اللجنة الأولمبية الدولية: على الرغم من الدعوات إلى الحظر، لم تمنع اللجنة الأولمبية الدولية “إسرائيل” من المشاركة في أولمبياد “باريس 2024”. وصرح رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، توماس باخ، بأن “إسرائيل” لا تواجه أي تهديد لوضعها الأولمبي على الرغم من الحرب في قطاع غزة، مشددا على أن الألعاب “يجب أن تكون منصة للسلام والحوار بدلا من حل النزاعات المسلحة”، على حدّ تعبيره.
السعيد الزوزي