استهداف الصحافة والصحافيين المغاربة خط أحمر وجريمة تقتضي المتابعة والتصدي
ذ. محمد عيدني يكتب
تتوالى الأحداث والعواصف ويقف المرء متأملا فضاء هذا العالم الموبوء. فتطالعه آلاف الفؤوس التي تمتد هاته المرة وبغلاضة وخسة لتضرب الجسم الصحافي والإعلامي. وبوقاحة لا نظير لها. لتتشكل صور العهر الممتدة إلى المتبقي من أدوات الصد والنضال من أجل ترسيخ الحقوق والحريات.
توقفنا كثيرا قبل أن ندلو بدلونا في أثون ما يقع من استهداف. ليس لأسماء بل لهوية صورة. ورفعة قلم. ودماء تسال من أجل ترسيخ الحق. وتجسيده سلوكا مواطنيا ومؤسساتيا. ولوعينا بأن الخرجة تتجاوز حدود المنطق المستهدف لأعراض ممتهني مهنة المتاعب إلى محاولة هدم آخر قلاح الحرية والتعبير الصادق عن آلام ومعاناة الناس الدراويش الغلابة.
وفي أثون هذا الوعي بعمق الهجمة استحضرتنا ثنائيات ضدية يتم من خلالها تمرير كوابيس وقنابل تستهدف الأمة ووحدتها ومؤسساتها. فالبارحة كان هناك هجوم على القضاء والقضاة والنيابة العامة من أجواق نحاسية مغردة تحت الطلب. من أبواق أعداء وحدة الأمة الترابية. ليستكمل هذا الشر اللابس لباس الخير بالهجوم على المؤسسات الأمنية والفرقة الوطنية للشرطة القضائية والبرلمانيين وهلم خدمة مؤداة بهدف ضرب كل مقومات وجود ووحدة الأمة المغربية.
الرمال المتحركة طالت اليوم الإعلاميين والنقابة الوطنية للصحافة المغربية كقلعة من قلاع النضال من أجل ترسيخ الحق في الكلمة الحرة. والتعبير الصادق. ومواجهة كافة المؤامرات التي تستهدف الأمة المغربية. وبطبيعة الحاحل ستوجه الخناجر لهذا الجسم في أفق ضربه وإسقاطه في أعين الناس الغلابة. لكن وحدة الأمة وإجماع الصحافيين والصحافيات قادر على تحطيم كل المؤامرات التي تستهدف رجال ونساء الإعلام الوطني الديمقراطي المستقل.
ربما يكون حال الكذب أنه قادر على إعماء الأعين للحظات. لكن نور الصدق والحقيقة والكلمة الحرة العنيدة العصية على التركيع ستكسر حتما كل هاته التضليلات الواعية أو المدفوعة بلا وعي. لأن كل هاته المؤامرات ستتكسر لا محالة على سندان قوة الإعلاميين المغاربة ووحدتهم ووعيهم بأن الاستهداف متنوع. قد يطالك بالرصاص الحي. كما هو حال إعلاميي فلسطين الجريحة. أو قد يطالك بالدهس والسحل. أو قد يطالك بالتضليل ونشر الادعاءات الكاذبة. ربما للحظات قد يرى العالم الصدق عاريا خجولا أمام سخافة المقدم كذبا في لباس الصدق المسكين.
الأكيد أن عالم اليوم وبسرعة بحثه عن “البوز” وجني الأرباح بأسرع الطرق وأوسخها. ولو اقتضى الأمر فعل كما ما يذمر كيان أمة. وهي وقائع تلف المشهد القائم. حيث يصبح النباح والعواء وسيلة مبتكرة بحداقة من خلال اللعب على أصول اللغة. وانتقاء الشعارات المدغدغة للعواطف مسارا لتحقيق أهداف مرسومة في كازينوهات وفنادق خمس نجوم. لضرب كل قلاع هاته الأمة الموحدة، وفق تعبير غرامشي. بما يؤسس لبراغماتية نفعية ضيقة على حساب القيم والأخلاق المهنية. وقيم الحرية الحقة والتعبير الصادق الناقل للحقيقة. لا الملوث لمجاري المياه ليوصلنا للمستنقع الذي ارادنا أن نشرب منه ونهلل لطلعته الميمونة.
فالطامة الكبرى أن تكون أمام أبواق خادمة لمشروع تذميري كبيرة لصالح أعداء الأمة ووحدتها الترابية. والسكتة الكبرى أن نكون أمام إعلام خادم لأعداء الوحدة الترابية. ينفث خبثا وحقدا دفينا للوطن ورجالاته في مختلف المؤسسات التدبيرية. هدفه الأسمى الهدم من أجل الهدم، ولا لغة سواه. ومنهجه المفضل لحقيق هاته الأهداف الخبيثة هو تشويه صورة الوطن وضرب أركان قوته ووجوده. وضمنه الإعلام كرافعة للدود عن الوطن بقوة القلم الرصاص إلى جانب جنود الأرض الأشاوس وضامني أمن البلاد وحسن سير المؤسسات.
إن الوقائع التي عبرت عنها النقابة الوطنية للصحافة المغربية تؤكد أن هناك استهدافا خطيرا موجها هاته المرة للإعلام الوطني من قبل أعداء في الداخل والخارج. موظفين الأدوات والأبواق المشبوهة من أجل ضرب أسس المؤسسات المغربية. وأركان قوتها عبر استهداف كل أشكال ثباتها واستقرارها وإسقاط هيبة هاته المؤسسات في إطار ما اسماه “غرامشي” باستهداف قلاعها ومراكز قوتها وضامني استقرارها.
فالاستهداف واضح وما اختيار مناضلي ومناضلات النقابة الوطنية للصحافة المغربية إلا جزء من هاته المسلسلات المتحركة. والتي تعكس مستوى الحقد الدفين من خلال تقديم كوكتيل من الأكاذيب والتضليل والترهات.
فما صدر عن هاته الأبواق الرخيصة يسري عليها القول المأثور “جدول يخرخر ونهر ثرثار تقطعه غير خالع نعليك”. فما وقع يكشف استهداف ممنهجا لمؤسسات وأركان قوة الدولة المغربية، وضمنها الجسم الإعلامي. والذي لا يختلف عن استهداف السيد رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، “الأستاذ عبد النباوي” وشخصيات أخرى من خلال ترهات وحشو إنشائي ولغط لا يعكس إلا خواء النص وخواء مبرمجه خدمة للدافعين أكثر.
فالمتصفح يخال نفسه في بلاد “السيبة” وغياب المؤسسات، والمافيا …، وليس أمام دولة بمؤسساتها وهياكلها ودستورها وبرلمانها وقضائها المستقل والعادل، وهنا جوهر المأساة. فما يشهده المغرب من تقدم وتطور، وما حققه في مجال الدفاع عن القضايا الوطنية، وفي مقدمتها قضية الصحراء المغربية، جعل الأعداء يفقدون صوابهم، ويخبطون خبط عشواء. محاولين ضربها بكل الطرق وبأوسخ السبل الممكنة.
ومن هنا لا نستغرب إن صدرت هاته الحمى والسعار عبر القذف في كل الاتجاهات. لأن المتصفح للمقذوف الوسخ يقف حائرا في مستوى السقوط الذي وصل إليه. لأن هدفه هو خلق جو من الشك في تلك المؤسسات الموصل لهدمها، وهو ما لن تستطيع حبة خردل أن تفعله، لأن المؤسسات المغربية هي مؤسسات اجتماعية، والحمد لله، تنظمها أسس صلبة، وما على الطبول المكسورة إلا أن تطبل كما يحلو لها، فصوتها مردود لمستوى سمعها، إن سمعته أصلا، وقوة المغرب في مؤسساته وأبنائه وعدالة قضاياه وصداقاته القائمة على الاحترام المتبادل الذي لا تعرفه هاته الأبواق ولا أذنابها من أعداء الوطن في الداخل والخارج.