منع الصحافيين من تغطية أنشطة حزب الاستقلال، مثل دورات المجلس الوطني، ليس بالظاهرة الجديدة في عالم الإعلام، بل بات يتكرر بشكل يثير القلق حول حرية الصحافة وحق الحصول على المعلومات في المغرب. فبدلاً من تعزيز ثقافة الشفافية والانفتاح، يتم فرض قيود تعيق دخول الصحافيين إلى الفعاليات السياسية، مما يحد من قدرتهم على أداء مهامهم كأداة لنقل الحقائق وتنوير الرأي العام.
تساؤلات كثيرة تثار حول مشروعية الطلبات التي تفرض على المراسلين تقديم بطاقة المجلس الوطني للصحافة لدخول دورات المجلس الوطني أو الفعاليات الحزبية. فهل يعقل أن يُعتبر الصحافي وكيل ملك للحصول على إذن للمشاركة في الأنشطة التي يتوجب عليه تغطيتها؟ إن حق الصحافيين في الوصول إلى المعلومات هو حق دستوري ينص عليه القانون، ولا يحق لأي جهة أن تعرقل هذه العملية أو تضع شروطًا تعجيزية لذلك.
عندما يُمنع الصحافيون من أداء واجبهم، فإن ذلك لا يؤثر فقط على الصحافيين أنفسهم بل يُعد له تأثير سلبي على المجتمع ككل. إن حرمان المراسلين من الوصول إلى المعلومات اللازمة لتغطية الأنشطة السياسية يضعف من مصداقية الأحزاب السياسية ويعزز من عدم الثقة لدى المواطنين تجاه مؤسساتهم. فالصحافة تلعب دورًا محوريًا في تمكين المواطنين من معرفة ما يجري حولهم ومراقبة أداء الحكومة والأحزاب، وبالتالي فإن أي محاولة لمنع هذا الدور تتعارض مع مبادئ الديمقراطية.
من الضروري أن يتحد الجسم الصحفي من أجل الدفاع عن حقوقهم واستعادة دورهم كمرآة تعكس الحقائق. كما يجب على الجهات المسؤولة عن حماية حرية الصحافة أن تتدخل لضمان حرية الوصول إلى المعلومات وحق الإعلاميين في ممارسة مهامهم دون قيود غير مبررة. ينبغي تعزيز الحوار بين الصحافة والأحزاب السياسية، والعمل على خلق بيئة مناسبة تتيح للجميع المشاركة في النقاش العام والعمل السياسي.
إذا استمر هذا اللوبي الذي يعرقل تقدم الصحافة، فإننا قد نشهد تراجعًا كبيرًا في قدرات وسائل الإعلام على أداء وظائفها الأساسية. لذلك، من الضروري أن يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية الصحافيين وضمان حقهم في الوصول إلى المعلومات، حتى يتمكنوا من القيام بدورهم في بناء مجتمع يتمتع بالشفافية والمساءلة.