في خطوة جريئة، ألقى “فاضل بريكة”، القيادي السابق في ميليشيات جبهة البوليساريو الانفصالية، شهادته أمام اللجنة الرابعة للأمم المتحدة بنيويورك، ليفضح انتهاكات حقوق الإنسان التي تعرض لها المعارضون في مخيمات تندوف، وموضحًا دور السلطات الجزائرية في تلك الانتهاكات.
بداية القضة: من معارض إلى مدافع عن حقوق الإنسان
بدأت قصة بريكة عندما انضم إلى صفوف البوليساريو وهو في سن الرابعة عشر، حيث عاش تحت وطأة تفكير مشوه زرع في عقول الشبان الصحراويين. على الرغم من انخراطه في الميليشيات، إلا أنه سرعان ما اكتشف الحقيقة المرة وراء القيادة الانفصالية وممارساتها القمعية. وبعد سنوات من التعذيب والقمع، تمكن من الفرار إلى إسبانيا، حيث قرر استغلال تجربته في الدفاع عن حقوق الآخرين.
انتفاضة 1988: نقطة تحول في الوعي الجمعي
في شهادته، أشار بريكة إلى انتفاضة 1988 التي شكلت نقطة تحول بالنسبة للصحراويين في المخيمات. هذه الانتفاضة كانت تعبيرًا قويًا عن رفض السياسات القمعية للبوليساريو، وتبعها حملة قمع brutal أودت بحياة العديد من الناشطين. يؤكد بريكة:“خلال تلك الفترة، عذبت البوليساريو وقتلت المئات داخل سجون سرية، ما أسفر عن زرع الخوف بين السكان.”
انتهاكات حقوق الإنسان وتعذيب المعارضين
يستعرض بريكة تفاصيل التعذيب الذي تعرض له منذ أن قرر تحدي سلطات البوليساريو. أكد أن العديد من الذين حاولوا التعبير عن آرائهم تعرضوا لممارسات غير إنسانية، قائلاً: “أنا واحد من الشخصيات التي تعرضت للتعذيب تحت إشراف البوليساريو، لكن هناك الكثير من الآخرين الذين لا يعرف أحد عنهم شيئًا.”
في شهادته، أشار بريكة أيضًا إلى قضايا بارزة مثل اختفاء القيادي البارز الخليل أحمد بريه، والذي اختطف عام 2009 ولا يزال مفقودًا حتى اليوم. “هذه الجريمة تثبت أن البوليساريو والسلطات الجزائرية لا يتوانون عن استخدام كل الأساليب الممكنة لإسكات الأصوات المعارضة.”
دعم الشهادات من الشخصيات الدولية
أضاف بريكة أن شهادته ليست الوحيدة، حيث استشهد بشهادات من شخصيات بينها محمد سعيد القشاط، ضابط الاستخبارات الليبي، والذي أقرت برعاية وتأسيس جبهة البوليساريو كأداة سياسية. كما أشار إلى تصريحات رئيس البرلمان الليبي السابق، أبو القاسم الزاوي، الذي أعلن أنه وقع في فخ دعم البوليساريو وأعرب عن ندمه على تلك التجربة.
دعوة للتحرك الدولي
داخل أروقة الأمم المتحدة، دعا بريكة المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات فورية لوقف الانتهاكات وضمان حرية التعبير للصحراويين. وصف المخيمات بأنها “شاهد على أبشع صور الاستغلال البشري في العصر الحديث” وأكد أن “أفضل طريقة لمساعدة شعب إقليم الصحراء هي دعم حقوق الإنسان وكشف الحقائق المخفية عن عالم لا يريد أن يعلم.”
الأمل في التغيير
تحمل شهادة بريكة وزنًا كبيرًا في رفع قضية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية إلى ساحة النقاش الدولي. إن ما شهدته المخيمات من انتهاكات يتطلب تحركًا فعالًا من المجتمع الدولي لوقف هذه الممارسات وتقديم المساعدة للضحايا. ما زالت القضية مطروحة، وستبقى أصوات المستضعفين تطالب بالعدالة والكرامة حتى تحقيق الحقائق وتحريرها من القيود المفروضة عليها.
بريكة هو أنموذج للصمود والشجاعة، حيث يمثل التحول من ضحية إلى مناضل لتحقيق حقوق الإنسان، معززًا آمال الصحراويين بحياة أفضل في مستقبل أكثر عدلاً.