أخبار عاجلة
prev next

الإحصاء في المغرب: أرقام مُحيرة وسخرية عميقة

ماب ميديا

شهدت البلاد جدلاً واسعاً الأسبوع الماضي بعد أن أعلنت المندوبية السامية للتخطيط أن عدد السكان القانونيين قد بلغ 36 مليون نسمة، مع تسجيل تراجع في النمو السكاني السنوي بلغ 0.85% خلال العقد الأخير. وهذا ما أثار تساؤلات عديدة عن المستقبل الديموغرافي للمغرب، في ظل تداعيات هذا الانخفاض على الاقتصاد والمجتمع.

ورغم الأرقام الرسمية، فإن الواقع يطرح تساؤلات ملحة: إذا لم يستطع المغاربة تحقيق معدل تكاثر طبيعي يصل إلى 3 ملايين خلال العشر سنوات الماضية، فكيف نُفسر الازدحام في المدن والأسواق؟ كيف ارتفع عدد مستهلكي الخدمات بهذه الأعداد الكبيرة؟ هذه الأسئلة جعلت المواطنين يلجؤون إلى السخرية، متداولين تعليقات مثل: “كاينة 36 مليون أخرى كاتسمع الدقان في الباب وماكاتحلش”، مما يعكس عدم الثقة في الأرقام الرسمية المعتمدة.

بالرغم من أن المندوبية وضعت خططاً لتدريب أكثر من 200 ألف شخص لإجراء الإحصاء، إلا أن النقاش العمومي أظهر عدم قناعة كبيرة بالأرقام المعلنة، خصوصاً مع الإشكالات الملحوظة مثل وجود أعداد هواتف أكثر من مجموع السكان. كما أثار التصريح بأن أكثر من 35 مليون شخص استخدموا خدمات القطارات في عام واحد استغراب الكثيرين، نظرًا لقلة عدد من يستخدمونها فعلياً.

تزامنت هذه النقاشات مع استثمارات ضخمة في تكنولوجيا المعلومات من قبل المندوبية، والتي يبدو أنها لم تؤتِ ثمارها كما كان مُتوقعًا. عانى البعض في المناطق النائية من أنماط الإحصاء الغريبة التي قام بها المفوضون، مشيرين إلى أنهم كانوا يعانون من حاجاتهم الاجتماعية الملحة بدلاً من طرح أسئلة إحصائية.

إذا كان عدد المغاربة اليوم يقارب 37 مليون نسمة، فإن المخاوف ستظل قائمة بشأن الموارد الحيوية مثل المياه والطاقة، في ظل ارتفاع متزايد للسكان. نحن نعيش في واقع يتطلب منا فهم الأرقام بشكل أعمق، حيث أن زيادة الأعداد دون وجود بنية تحتية وخدمات كافية سيؤدي إلى تفاقم التحديات الاجتماعية.

بينما صحيح أن إحصاءات المندوبية تعكس تراجع النمو السكاني، إلا أنه يجب طرح أسئلة أكثر عمقًا حول جودة الحياة والموارد المتاحة لكل مواطن. كيف ستؤثر هذه الأرقام على التنمية المستقبلية للمغرب؟ وماذا عن وضع الأسرة، نسب الطلاق، وظروف العيش؟ الحكومة والمجتمع معًا بحاجة إلى مواجهة الحقائق، بدلاً من البحث عن أرقام تعكس صورة مشوهة عن الواقع.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

أخبار عاجلة
prev next