كشف أحمد رضا الشامي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، اليوم الأربعاء، أن 8.5 ملايين من المواطنين يوجدون خارج الاستفادة من أنظمة التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، مؤكدا أن تكاليف العلاج التي يتحملها المواطن ما تزال مرتفعة، مشيرا إلى أن أغلب نفقات “كنوبس” و”CNSS” تتجه للقطاع الخاص، بسبب ضعف العرض الصحي للقطاع العام.
وأشار الشامي، خلال تقديم رأي المجلس حول موضوع تعميم التأمين الصحي الأساسي على المرض، إلى أن ورش تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض يشكل إنجازا اجتماعيا غير مسبوق في تاريخ المغرب المعاصر، موضحا أن هذا المشروع الميهكل يرمي إلى توسيع مزايا التغطية الصحية لتشمل مجموع المواطنات والمواطنين والمقيمين كذلك داخل التراب الوطني.
وأوضح الشامي أنه تم في وقت وجيز تحقيق تقدم ملحوظ في بلوغ هذا الهدف، مشيرا إلى أن اليوم يوجد حوالي 86.5 في المئة من السكان مسجلين في منظومة التأمين عن المرض مقابل أقل من 60 في المئة سنة 2020.
وأفاد أن التطور المتواصل الذي شهده الإطار القانوني والبنيات التحتية التقنية مكن من تكريس حق جميع المواطنات والمواطنين في الولوج إلى حق التغطية الصحية، مشيدا بانخراط هيئات التدبير في هذه الدينامية بالسرعة والفعالية المطلوبة في معالجة الملفات الصحية التي ارتفع حجمها، مفيدا أن صندوق الضمان الاجتماعي كان يعالج 22 ألف ملف يوميًا في 2021، واليوم تجاوزت 100 ألف ملف يوميًا.
وأشار الشامي إلى أنه تم خلق ثلاثة أنظمة للتأمين عن المرض، ومنها “أمو تضامن” الذي يهم المواطنين غير القادرين على أداء واجبات الاشتراك، وكذا نظام “أمو العمال غير الأجراء” ويهم العمال والمهنيين المستقلين وغير الأجرءا الذين يزاولون نشاطا خاصا، وكذا “آمو شامل” الذي يهم باقي الأشخاص الذين لا تشملهم أنظمة التأمين الأخرى.
وأردف المتحدث أنه توجد مجموعة من التحديات التي ينبغي إيلائها أهمية خاصة، ومنها أن 8.5 ملايين من المواطنين مازالوا خارج دائرة الاستفادة، منهم 5 ملايين غير مسجلين و3.5 ملايين مسجلين لكن حقوقهم مغلقة.
وأكد أن تكاليف العلاج التي يتحملها المواطن ما زالت مرتفعة، إذ تصل إلى 50 في المئة من تكلفة كل ملف مرضي يتحملها المواطن، بينما يجب أن تكون النسبة 25 وفق منظمة الصحة العالمية.
ولفت إلى أن الوضعية المالية لمنظومة التأمين الصحي تعتريها بعض مظاهر الهشاشة من حيث تغطية الاشتراكات للتعويضات، مسجلا وجود تفاوت بين الوضعيات المالية للأنظمة المختلفة، مفيدا أنه إذا الأنظمة الخاصة بأجراء القطاع الخاص ونظام “آمو تضامن” قد سجلت توازنا ماليا سنة 2023 فإن باقي الأنظمة ما زالت تعاني لأسباب مختلفة من عجز مالي تقني في تغطية الاشتراكات للتعويضات.
وكشف أن معظم نفقات التأمين الإجباري الأساسي عن المرض تتجه نحو مؤسسات العلاج الخصوصية، نظرا لضعف عرض وجاذبية القطاع العام، مفيدا أن 95 في المئة من نفقات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تذهب إلى القطاع الخاص، و80 في المئة من نفقات “كنوبس” كذلك، مؤكدا أن هذا إشكال يجب معالجته.
ولاحظ المجلس الاقتصادي أن متوسط كلفة تحمل ملف صحي في القطاع الخاص قد يفوق أحيانا نظيره في القطاع العام بـ5.6 مرات لأسباب متعددة، منها غياب البروتوكولات العلاجية.
وأكد أن هذا يطرح السؤال حول الاستدامة المالية لهذا النظام، مقدما توصيات المجلس ومنها خلق منظومة للتأمين الإجباري الأساسي موحدة، دون التقسيمات الموجودة حاليا، إضافة إلى أن هذه المنظومة الإجبارية الموحدة يجب أن تكملها منظومة إضافية واختيارية لتغطية التكاليف الأخرى.
وأوصى المجلس بأن يكون التسجيل في نظام التأمين إلزاميًا لكل شخص، حيث يمكن للسجل الوطني للسكان أن يعطي كل مواطن رقم التأمين الاجتماعي.
وفي مقام ثالث، أوصى المجلس بإلغاء وضعيات الحقوق المغلقة، إذ في حال لم يسدّد الشخص مستحقاته أو كان يواجه صعوبة في دفع القسط الشهري، يجب أن يستمر في الاستفادة من الخدمات الصحية. كما يجب أن تكون هناك حلول أخرى لتمكينه من الدفع لاحقًا.
وشدد الشامي على ضرورة تقليص النسبة التي يتحملها المواطن من النفقات، حيث إن 50% تعتبر نسبة مرتفعة، إذ يجب إعادة النظر في “التعرفة الوطنية المرجعية” لكي يتمكن المواطن من دفع جزء معقول من التكاليف.