دافع وزير العدل عبد اللطيف وهبي عن زميله في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق في خضم الجدل التي اتارته تصريحاته بخصوص علمانية المغاربة، منتقدا بذلك الخروج الأخير لعراب العدالة والتنمية وأمينها العام عبد الإله بنكيران.
حيث أبرز عبد اللطيف وهبي خلال مناقشة الميزانية الفرعية لوزارة العدل، اليوم الاثنين، بلجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس المستشارين، “سيطرة الخطاب الشعبوي والمناقشات السطحية على الساحة”، مستشهدا بالهجوم على وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بسبب حديثه عن العلمانية بمفهومها الفلسفي والثقافي.
وزاد، أن الذين هاجموا التوفيق اعتمدوا على فكرة سابقة بأن العلمانية هي فصل الدين عن الدولة، وبدؤوا في تحريف الموضوع. وأشار إلى أن زعيما سياسيا تحدث عن موضوع يجهله، وأن من يجهل شيئا ما يجب عليه الابتعاد عن الخوض فيه، في إشارة ضمنية إلى هجوم بنكيران على وزير الأوقاف.
ولمح، وهبي أن منطق العلمانية الذي يختصر في فصل الدين عن الدولة كان مجرد أكذوبة انتشرت خلال محاكم التفتيش. أما مفهوم العلمانية الحقيقي فهو مفهوم سياسي عميق وله أسس علمية وفكرية.
وأكد، أن وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق “يتمتع بمستوى عال في التفكير، ويجيد اللغتين الإنجليزية والفرنسية بطلاقة. لقد عايشته وكان دائم القراءة، وكان يفتح معي نقاشات حول العديد من الكتب”.
وكان وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في المغرب، أحمد التوفيق، قد أثار جدلا بقوله أمام البرلمان الإثنين إنه أخبر وزير الداخلية الفرنسي في لقاء سابق أن “المغرب بلد علماني”.
وكشف التوفيق، في جلسة بمجلس النواب، أنه قال لوزير الداخلية الفرنسي، أثناء حديث جمعهما على هامش زيارة في الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخيرة إلى المغرب، إن “هم (يقصد الفرنسيين) مقتنعون أن الإسلام المغربي المعتدل في صالح الجميع”، ليرد عليه الوزير الفرنسي “العلمانية تصدمكم”، وهنا أجاب التوفيق بالقول “فقلت له: لا، لأننا علمانيون”.
وأوضح الوزير في رده أمام النواب أنه كان يقصد أن المغرب “يدعم حرية التدين”، مستطردا “يمكن لأي شخص فعل ما يريده، لأنه لا إكراه في الدين”. وعاد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، عقب الجدل الذي أثاره تصريحه، لتوضيح ما أراد قوله: إن “العلمانية لم يعد مضمونا فيها الحياد، حيث أصبح عدد من العلمانيين أصوليين، لا يكتفون بالمطالبة بفصل الدين عن الدولة، بل يرفضون الدين تماما”.
واعتبر التوفيق، أن أن مشكلة الإسلام اليوم ليست في النصوص، بل في التربية، إذ يجب على الأسرة أن تربي الطفل على العطاء والتواضع، وألا يكون أنانيا، مبرزا أن العطاء ليس بالضرورة مالا؛ الكلمة الطيبة صدقة، ونشر السلام صدقة، ونقل ذلك إلى المدرسة التي يجب أن تتجاوز التعليم الأكاديمي المحض (القراءة، الكتابة، الحساب)، لتُعنى بالتربية الأخلاقية وغرس القيم.
من جانبه قال عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، إن المغاربة مسلمون ولا يمكنهم بأي حال من الأحوال التنكر لأصولهم وهويتهم الدينية، مشددا في رد ضمني على تصريحات وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية التي وصف فيها المغاربة بالعلمانيين، على أن “المغرب دولة إسلامية وليست علمانية”.
وأوضح ابن كيران في لقاء حزبي مؤخرا بإقليم تارودانت، أن المغاربة تاريخيا كانوا وما زالوا متمسكين بدينهم، مشيرا إلى أن الدولة المغربية تواصل الحفاظ على هويتها الإسلامية عبر تاريخه الطويل. وقال إن المغاربة ليسوا فقط متمسكين بالإسلام كدين، بل إن هذا التوجه هو جزء لا يتجزأ من كيان الدولة المغربية، التي يحكمها أمير المؤمنين. وأضاف أن هذا اللقب الذي يحمله الملك ليس جديدا بل هو امتداد لتاريخ طويل من الوحدة بين الدين والدولة.
وأكد الأمين العام لحزب “المصباح”، أن المغرب لم يكن أبدا دولة علمانية، و أن المغاربة عبر العصور تمسكوا بقيمهم الدينية، مسجلا أن الدولة المغربية، كانت ولا تزال تحتفظ بتقاليدها الدينية التي أسس لها الأسلاف، ومنهم السلطان محمد بن عبد الله الذي كان له دور محوري في تعزيز التعليم الديني في البلاد.