أكد سمير الدهر، السفير والمندوب الدائم للمملكة لدى اليونسكو، مساء الثلاثاء الماضي في أسونسيون بالباراغواي، أنه يجب استغلال اتفاقية اليونسكو للمحافضة على التراث الثقافي غير المادي لأغراض السطو الثقافي أو لأهداف سياسية.
وأوضح الدهر، أن هذا الموقف يعكس التزام المغرب العميق بروح الانفتاح والسلام التي تتمتع بها المملكة، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على سيادة الهوية الثقافية للأمم.
وأبرز الدهر، أن صون التراث الثقافي غير المادي يمثل ضرورة أساسية لحماية التنوع الثقافي والشخصية الهوياتية للشعوب. كما شدد على أن هذا التراث يجب أن يعزز ليكون جسرا للتقارب بين الشعوب، ولكن دون أن يسمح باستغلاله لأغراض سياسية أو ثقافية تهدف إلى السطو عليه. وفي نفس السياق، أشار السفير إلى قرار اليونسكو الأخير بشأن ملف طلب تقدمت به دولة أخرى كان يحتوي على صورة وفيديو لقفطان النطع المغربي الفاسي، مؤكدا أن المغرب قدم اعتراضه القوي على ذلك.
أضاف السفير الدهر أن التوافق والحكمة التي عُرفت بها المملكة المغربية في مواقفها الدولية قد ساهمت في إقناع اللجنة بالإجماع برفض محاولات الاستيلاء على هذا التراث. وأعرب عن شكره العميق لجميع أعضاء اللجنة الذين تفاعلوا بشكل إيجابي مع الاعتراض المغربي، وخصوصا هيئة التقييم التي أوصت بإضافة الفقرة التي استجابت للاعتراض بشكل كامل. وذكر الدهر أن الوثائق الداعمة التي تم استخدامها في الملف، مثل الصورة والفيديو، لم تكن تعكس أي ملكية فكرية أو أصل لهذا التراث.
وفي أثناء حديثه، أشار الدهر إلى أن المغرب يؤمن بأهمية الحياد الذي تفرضه المعايير الموضوعية لليونسكو، لكنه أكد على أن التراث الثقافي، مثل قفطان النطع، هو جزء لا يتجزأ من هوية الأمة المغربية ومن أبرز مظاهر سيادتها الثقافية. وذكر أن قفطان النطع، الذي يعتبر من أرقى أنواع القفاطين المغربية وأكثرها شهرة في مدينة فاس، هو رمز للجمال والتاريخ الغني، وأن محاولات استغلاله تمثل تهديدا للتراث الثقافي المغربي.
حيث أن “قفطان النطع”، الذي يتميز بتطريزات حيوانية وزهرية مميزة، كان قد تم تقديمه ضمن ملف ترشيح للمشاركة في دورة اليونسكو لعام 2025، إلا أن محاولات بعض الأطراف لسرقة هذا التراث جاءت بتغيير وتعديل الحقائق المتعلقة به. وأوضح الدهر أن محاولات السطو على هذا التراث قد تكون بسبب رغبة بعض الدول في تعزيز مكانتها الثقافية على حساب حقائق تاريخية راسخة تتعلق بالمملكة المغربية.
وأشار السفير إلى أن هذه المحاولات للسطو على التراث المغربي تأتي ضمن سلسلة من الهجمات التي تعرض لها العديد من عناصر التراث الثقافي الحي في المغرب. ولفت إلى أن القفطان المغربي، الذي يتمتع بتاريخ طويل ومعترف به دوليا، ليس فقط رمزًا للموضة والجمال، بل أيضا علامة على الهوية الثقافية المغربية التي تمتد لقرون.
وحدد الدهر، أن المغرب، كدولة ملتزمة بحماية تراثها، لن يتوقف عن الدفاع عن حقوقها الثقافية في المحافل الدولية. وفي ختام تصريحاته، أكد أن الملكية الفكرية للتراث لا تقتصر على اليونسكو، بل هي من اختصاص منظمات دولية أخرى. وأوضح أن من المهم أن يدرك الجميع أن الهوية الثقافية لا تتحدد فقط من خلال عناصر التراث، بل من خلال القيم الأساسية التي تشكل أساس المخيال الجماعي للشعب.
بتأكيد هذه المواقف، يظل المغرب ثابتا في موقفه الدفاعي عن حقوقه الثقافية ويواصل العمل على تعزيز مكانته في الحفاظ على التراث الثقافي الإنساني.