شابة من ضحايا الفقر: قصة نجاح تلهم المجتمع

بقلم الأستاذ محمد عيدني

في إحدى الأحياء الفقيرة بالعاصمة المغربية، وُلدت ليلى في أسرة لا تملك الكثير. عاشت ليلى مع والديها وإخوتها في مساحة ضيقة حيث كان والداها يعملان بجد لتوفير احتياجات الأسرة الأساسية. لم يكن الوضع المالي مريحًا، ورغم ذلك، كان لدى ليلى حلم كبير: أن تحصل على تعليم يفتح لها آفاق جديدة.

التحديات

كانت ليلى تواجه العديد من التحديات منذ صغرها. كان عليها التنقل لمسافة طويلة يوميًا للوصول إلى المدرسة، وغالبًا ما كان يتعين عليها المساعدة في الأعمال المنزلية بعد انتهاء الدروس. كان والدها يعمل كعامل بناء، بينما كانت والدتها ربة منزل، مما جعلهما غير قادرين على تحمل تكاليف أدوات المدرسة والكتب. ومع ذلك، لم تستسلم ليلى.

التعليم كطريق للتغيير

كانت ليلى تُدرك جيدًا أن التعليم هو مفتاح تغيير حياتها. بفضل دعم مُعلمة في مدرستها، حصلت على منحة دراسية تغطي رسوم دراستها. أصبحت ليلى مثالًا للنشاط والاجتهاد، حيث قضت ساعات طويلة في المذاكرة، وكان لديها رغبة ملحة في تحقيق أحلامها.

بعد الانتهاء من المدرسة الثانوية بمعدل ممتاز، استطاعت الالتحاق بالجامعة للدراسة في مجال الهندسة. كانت تلك خطوة جريئة في عائلتها، حيث أن كثير من الفتيات في مجتمعها لم يحصلن على فرص تعليمية مماثلة.

الدعم المجتمعي

خلال رحلتها الأكاديمية، لم تكن ليلى وحدها. انضمت إلى مجموعة من الطالبات في الجامعة، حيث كنّ يتشاركن نفس الطموحات والصعوبات. بفضل دعم بعض المنظمات غير الحكومية، توفرت لهن فرص التدريب والمساعدة المالية والدعم النفسي، مما زاد من ثقتها بنفسها وقدرتها على مواجهة التحديات.

قصة ملهمة

بعد تخرجها بنجاح وحصولها على شهادة الهندسة، عادت ليلى إلى مجتمعها. قررت العمل في مجال الاستشارات الهندسية وتطوير مشروعات البنية التحتية في المناطق الفقيرة. أصبحت نموذجًا يُحتذى به للفتيات في مجتمعها، مظهرةً أن التعليم يمكن أن يُغيّر مصير الإنسان ويمنح الأمل.

ليلى اليوم تنظم ورش عمل ومسابقات تحفيزية للفتيات في الحي، تشجعهن على أهمية التعليم وتشارك قصتها الشخصية. تقول دائمًا: “لا تدعوا الفقر يعوق أحلامكم. التعليم هو المفتاح الذي يمكن أن يفتح أبواب الفرص”.

 

قصة ليلى ليست مجرد قصة فردية، بل هي تمثل روح الطموح والمثابرة التي يمكن أن تتغلّب على الفقر والظروف القاسية. بفضل التعليم والدعم المجتمعي، استطاعت ليلى إعادة تشكيل مسار حياتها وتصبح مصدر إلهام للكثيرين، مما يُظهر أن الإرادة القوية يمكن أن تخلق من المستحيل ممكنًا. 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.