“سعيد ضحية الفصام: قصة مأساوية”

عبدالقادر احبشان

كان يتخلى عن وجدانه وعقله، يعيش دون إحساس، بدون عقل، قيود فكره مفتوحة، قد يجنح الى اللامنطق، جامحا نحو أصوات غريبة كأنها تتواصل معه من كوكب غريب، يسمعها ويصدقها يقينيا ويتواصل معها، ويستشير معها في كل صغيرة وكبيرة، تقوده إلى الجنون، بل في بعض المرات يصرخ عليها، تحقق معه بأسئلتها المستفزة، تطرح عليه أسئلة عميقة، إذ يقول أنها تتحدث معه من سقف المنزل، في بعض المرات يعتبرها جان أرسلتهم “الشوافة” إليه، يتصور دائما أنها تسحر له، يحلم أنها تضع له غمامة سوداء فوق رأسه لتؤذيه أو تصيبه بالمس، وعندما يستيقظ من النوم يترجل من سريره ليتحدث إلى الحائط، ليحكي له أسراره، الأصوات لاتفارقه ليوم كامل، في النهار و الليل، ويقول أن المخابرات تراقبه عن كثب، بؤبؤ عيناه الحمراوتان تبدأ في الدوران عندما يخرج الى الشارع، لاتتركه مرتاح البال، تزعجه، بشكل مرعب، وخيالات نساء يعشقها تراوده في كل وقت، يشرع في حبهن ويسير معهن، ويؤمن أنها أوهام أو مرض مصاب به، أو مجرد هوس يساكن روحه.
إنه سعيد إسمه على نقيض حالته، يخاف من ضله، المسكين لايعرف أن نهايته ستكون مأساوية، تبدأ حكايته في أول ليلة وجد عبر تطبيق في هاتفه الذكي فتاة أحلامه، يعلق في صورها ويكتب لها في الدردشة وهي لاتجيبه، وصل به الحال إلى سبها، وقامت بحذفه من حسابها، وفي هذا الوقت، المسكين مريض، تلاعبت به أعراض مرضه ووسوست له كالشيطان التي لبست لباس رجل حكيم، وهو يخاطبه:
الشيطان: لقد ضحكت عليك ياولدي.
سعيد: إنها زانية
الشيطان: كيف عرفت أنها زانية؟ إنها كافرة
سعيد: وبعد؟
الشيطان: عليك أن تقتلها، إن كافرة
سعيد: لماذا؟
الشيطان: الدين ينص على دلك، وكل من هو كافر يجب ضرب رقبته
الشيطان أقنع سعيد في كل الإتجاهات بأن يقتلها، وباشر في التحضير لجريمته بشراء سكين.
سعيد عرف كل شيء عن الفتاة، أين تقطن وأين تذهب، والأمر الدي سيسهل جريمته هو أنها أعلنت في حسابها أنها ستحضر سهرة في أحد الفنادق.
سعيد أعد نفسه بشكل جيد في يوم السهرة، مقتنع أنها كافرة، وهو مصر ويترصد لها، تركها حتى خرجت من الفندق وقام بقتلها أمام المارة في مشهد مرعب ورهيب، الناس تصرخ…. “عتقوا الروح” .
سعد لاذ بالفرار إلى المنزل ورجع له عقله وأصابه الندم، وخيال الشيطان يضهر له أنه يضحك عليه حيث قام بالإنتحار وشنق نفسه بالحبل.

المسكين سعيد..!، لايعرف كل مايقع له مجرد فصام ألم به، ويحتاح إلى طبيب نفسي لكي يعالجه.
يجب أن نقوم بتوعية الناس بأن ماجرى لسعيد مجرد مرض عضوي يصاب به دماغ الإنسان وليس مرتبطا بالخرافات الشعبوية التي تفسر بكونه أنه مرتبط بالجن والتأويلات الميتافيزقية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.