بدأت تحديات جديدة تلوح في الأفق أمام الصحفيين المستقلين في المغرب، حيث يواجه هؤلاء المحترفون صراعاً حقيقياً للبقاء في مشهد إعلامي مهيمن. لم يعد الأمر مجرد منافسة مع الإعلام التقليدي، بل أصبحنا نشهد ظاهرة غير مسبوقة: تزايد عدد المتقاعدين من قطاعات التعليم والفوسفاط، بالإضافة إلى متقاعدي بريد المغرب والداخلية، الذين دخلوا الساحة الإعلامية بمواردهم المالية، ليشكلوا تهديداً حقيقياً للصحفيين الذين يتخذون من كتاباتهم عنصراً أساسياً في حياتهم المهنية.
تعتبر الصحافة ركيزة أساسية في بناء مجتمع ديمقراطي وواعٍ. لكن بينما يواجه العديد من الصحفيين تحديات اقتصادية تجعلهم يخرجون إلى “باب الله” بدون أي ضمانات أو دخل ثابت، يظهر سؤال مُلح: كيف يمكن للصحفيين المستقلين، الذين يكرسون حياتهم للبحث عن الحقيقة، أن ينافسوا هؤلاء الذين يستفيدون من رواتب تقاعدية مريحة؟
إن الأمر يتطلب من الجهات المعنية، بدءاً من المجلس الوطني للإعلام إلى الدولة، اتخاذ خطوات جريئة وعاجلة لحماية حقوق الصحفيين المستقلين والتأكد من أن الصحافة تبقى مهنة محترمة ومربحة. ينبغي أن تتبنى المؤسسات تدابير لدعم الصحفيين الذين يعتمدون على عملهم في الإعلام، وتوفير فرص التدريب والدعم المالي لهم.
الوضع الحالي لا يقتصر على تحدي المهنة فقط، بل يمس أيضاً حقوق الإنسان وحماية حرية التعبير. يجب أن نقف جميعاً صفاً واحداً لمؤازرة الصحفيين وتقديم الدعم لمن يحتاجون إليه، لأن حماية الإعلام المستقل تعني حماية الديمقراطية نفسها.
في النهاية، إذا أردنا صحافة قوية ومزدهرة تواجه تحديات العصر، فلا بد أن نعيد ترتيب أولوياتنا ونمنح الأولوية للعطاء والأفكار التي تأتي من القلوب العاملة، لا من جيوب المتقاعدين. فهؤلاء هم من يحتاجون إلى الدعم الحقيقي، وأي تجاهل لوضعهم سيقودنا إلى انزلاق نحو هاوية الإفلاس المهني والاجتماعي.
لنقم جميعاً بتغيير هذا الواقع وإعادة الأمل إلى قلوب الصحفيين المستقلين، فالمسؤولية تقع على عاتقنا جميعاً