وجهت رئاسة النيابة العامة دورية هامة إلى الوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف ووكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية، أكدت فيها على ضرورة حماية موظفي إنفاذ القانون والتصدي بحزم لكل مظاهر الاعتداء التي قد تتعرض لها هذه الفئة أثناء أداء مهامهم.
وفي هذه الدورية، شدد الوكيل العام للملك ورئيس النيابة العامة، هشام البلاوي، على التفعيل الأمثل للصلاحيات الممنوحة لقضاة النيابة العامة فور إشعارهم بوقوع اعتداءات. وطالب البلاوي بالاستمرار في تنفيذ التعليمات الواردة في المنشور رقم 1 الصادر بتاريخ 7 أكتوبر 2017، والدورية رقم 42 الصادرة في 15 نونبر 2021.
ودعت الدورية إلى التصدي الحازم لكل أشكال الاعتداء على موظفي إنفاذ القانون والموظفين العموميين عموماً أثناء ممارستهم لمهامهم أو بسببها، مع فتح أبحاث قضائية متكاملة تشمل الاستماع إلى الضحايا والمشتبه فيهم والشهود، وتفريغ محتوى التسجيلات الصوتية أو المرئية عند وجودها. كما أكدت على الحرص على إعداد محاضر قانونية مستوفية لجميع الشروط الشكلية المحددة في المادة 24 من قانون المسطرة الجنائية.
تحديد التكييف القانوني وتطبيق ظروف التشديد
أوصى البلاوي بضرورة تحديد التكييف القانوني المناسب للاعتداءات، والتأكد من توافر شروط التشديد المنصوص عليها في الفصول القانونية المعاقبة. كما دعا إلى اتخاذ القرارات القانونية الملائمة حسب ظروف كل قضية، مع الأخذ بعين الاعتبار حالة الموقوف عند الإيقاف (مثل حالة السكر أو التخدير)، واستخدام السلاح أو الاستعانة به، وطبيعة الاعتداء وحجم الضرر الناتج عنه.
ونصت الدورية على إضافة “حالة العود” إلى المتابعات القضائية في حق المتابعين بجرائم العنف والإهانة المتكررة، متى توفرت الشروط القانونية. وطالبت بتقديم المرافعات والملتمسات اللازمة أمام هيئات الحكم لإبراز خطورة الأفعال وحجم الضرر، بما في ذلك عرض المقاطع أو الصور الموثقة في حال توفرها.
ممارسة طرق الطعن والإشعار الفوري
دعا رئيس النيابة العامة إلى ممارسة طرق الطعن القانونية في حالة عدم تناسب العقوبات مع خطورة الجرائم، من خلال صياغة تقارير استئنافية أو مذكرات نقض دقيقة توضح أسباب إعادة النظر في الأحكام أو القرارات المطعون فيها. كما طالب بالإشعار الفوري لرئاسة النيابة العامة بجميع الاعتداءات الخطيرة التي تطال الموظفين العموميين، أو التي تستأثر باهتمام الرأي العام، سواء وردت عبر المحاضر والتقارير المحالة، أو تم رصد تداولها على المستوى الترابي للدوائر القضائية.
ارتفاع مقلق في قضايا الاعتداءات
أفادت رئاسة النيابة العامة بأنها حرصت منذ بداية ممارستها لاختصاصاتها القانونية على متابعة مدى التزام النيابات العامة بتوفير الحماية اللازمة للقائمين على إنفاذ القانون وعموم الموظفين. ويظهر ذلك من خلال تخصيص محور خاص في تقاريرها السنوية حول سير النيابة العامة وتنفيذ السياسة الجنائية، حيث يتم تحليل المعطيات الإحصائية المتعلقة بوقائع العنف والإهانة التي تستهدف هذه الفئات.
وكشفت هذه البيانات عن ارتفاع متصاعد في عدد قضايا الاعتداءات والإهانات ضد الموظفين العموميين، إذ ارتفعت من 3549 قضية في سنة 2018 إلى 6888 قضية برسم سنة 2024، شُرع في إطارها في متابعة 8201 شخص.
وأشار البلاوي إلى أن حماية الموظفين بشكل عام، والقائمين على إنفاذ القانون بشكل خاص، تشكل أولوية قصوى ضمن السياسة الجنائية الوطنية. وشدد على ضرورة التعامل بحزم وصرامة مع جميع حالات الاعتداء على الموظفين أثناء تأديتهم لمهامهم أو بسببها، باعتبار أن أي اعتداء أو إهانة تطال موظفي الدولة تمس بهيبة الدولة ومؤسساتها.
وأوضحت الدورية أن فئات الموظفين العموميين المكلفين بإنفاذ القوانين متعددة، وتضطلع هذه الفئات بمهام حيوية تهدف إلى حماية الأفراد وضمان سلامتهم، واستتباب الأمن، ونشر الطمأنينة في المجتمع من خلال فرض تطبيق القانون واحترام مقتضياته. كما ذكرت أن المشرع المغربي خصص مجموعة من القواعد الحمائية ذات الطابع الزجري، التي تجرم كل اعتداء على القائمين على إنفاذ القانون والموظفين العموميين بصفة عامة، مشيرة إلى الفصول من 263 إلى 267 من مجموعة القانون الجنائي التي تعاقب على أفعال الإهانة والعنف التي قد يتعرض لها هؤلاء الموظفون.