المدينة العلمية تحت الضغط: تحديات البطالة والأمن وتأثيرها على شباب الحضارة

بقلم الأستاذ محمد عيدني

كانت المدينة العلمية، منذ عقود، رمزًا للتنمية الثقافية والعلمية في المملكة، واستطاعت أن تترك بصمتها في المشهد الاقتصادي والاجتماعي. إلا أنه في الفترة الأخيرة، بدأت ملامح تلك المدينة تتغير، في ظل مجموعة من التحديات التي تعصف بمستقبلها، خاصة فيما يتعلق بحياة الشباب الذين يمثلون أمل المستقبل. ارتفاع معدلات البطالة، تزايد التوترات الأمنية، والاعتقالات المستمرة، كلها عوامل تثير العديد من الأسئلة حول أسباب هذه الأزمات وسبل تجاوزها حفاظا على مكانة المدينة.

تراجع الأداء الاقتصادي وتفاقم البطالة

شهدت المدينة العلمية تراجعا ملحوظا في مؤشراتها الاقتصادية، نتيجة لافتقارها للاستثمارات وتراجع القطاع الصناعي والخدماتي، مع ظهور منافسين جدد على الساحة الوطنية والإقليمية. هذا التدهور أدى إلى نقص فرص العمل، وارتفاع معدلات البطالة، خاصة بين الشباب الذين يعانون من إحباط مستمر وعجز عن تحقيق تطلعاتهم.

معاناة الشباب وتزايد التحديات

يواجه شباب المدينة صعوبات متزايدة، حيث يدفعهم نقص الوظائف إلى التفكير في الهجرة إلى مدن أخرى، أو اللجوء إلى أنشطة غير قانونية للبقاء على قيد الحياة. وتلقي الحملات الأمنية والاعتقالات المتكررة بظلالها على المجتمع، وتُبرز مدى عمق الأزمة، حيث يراه البعض رد فعل أمني أكثر منه حلول جذرية لمشاكله الاجتماعية والاقتصادية، مما يعمق شعور الإحباط ويؤثر على التماسك الاجتماعي.

تأثير الأمن على النسيج المجتمعي

لا شك أن الحملات الأمنية التي تستهدف عناصر يُعتقد أنها تهدد استقرار المدينة، تؤدي إلى نتائج متناقضة، إذ تزيد من عزلة الشباب وتعطل تفاعلهم مع محيطهم. هذه السياسات، في كثير من الحالات، تساهم في إضعاف الروابط الاجتماعية، وتُبعد فئات واسعة من الشباب عن المشاركة في الحياة العامة، مما يثقل كاهل المجتمع ويؤثر سلبًا على وحدته.

مسؤولية الحكومة والمجتمع

تقع على عاتق السلطات مسؤولية كبيرة في معالجة هذه الأزمة، من خلال تحسين التدبير الاقتصادي ووضع استراتيجية تنموية واضحة، تركز على تمكين الشباب من خلال برامج دعم ومبادرات صغيرة ومتوسطة. كما أن هناك ضرورة لإعادة تقييم السياسات الأمنية، لتحقيق توازن بين حفظ الأمن واحترام حقوق الأفراد، وخلق بيئة آمنة ومحفزة للجميع.

حلول مستقبلية وإصلاحات ضرورية

لا بد من تنفيذ خطة تنموية شاملة تراهن على تنشيط الاقتصاد، وتوفير فرص عمل حقيقية، وتحسين الظروف الاجتماعية، مع تعزيز دور المجتمع المدني في عملية صنع القرار. ويُعد الاستثمار في البنية التحتية والتعليم والتكوين المهني من الركائز الأساسية لضمان توافق مخرجات التعليم مع حاجات سوق العمل.

رغم التحديات، تبقى المدينة العلمية أملا ينتظر أبناءها ومهتموها، فبإرادتهم وتكاتف جهود جميع الأطراف، يمكن تحويل هذه المحن إلى فرص لتنمية مستدامة، أساسها العدالة والتضامن، لبناء مستقبل أكثر إشراقا يتماشى مع تطلعات الأجيال القادمة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.