مناشدة عاجلة من داخل سجون الصومال 6 مغاربة ينتظرون الترحيل بعد تبرئتهم
mapmedias
غاروي، بونتلاند، الصومال – وجه ستة مواطنين مغاربة، المحتجزون في أحد سجون غاروي بإقليم بونتلاند الصومالي، نداء عاجلا إلى السلطات المغربية والرأي العام للمساعدة في إعادتهم إلى وطنهم. يأتي هذا النداء بعد أن كانوا قد حكم عليهم بالإعدام سابقا قبل أن تتم تبرئتهم ويؤمر بترحيلهم، لكنهم لا يزالون قيد الاحتجاز منذ أكثر من عام ونصف.
يتزامن هذا النداء مع شكاية رسمية تقدمت بها أسر المحتجزين بتاريخ 19 ماي الماضي إلى وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، مطالبين بالتدخل الفوري لإنهاء محنة أبنائهم الذين يكابدون ظروفاً قاسية وانتظارا مريرا.
استدراج وخديعة.. من العمل الشريف إلى تهم الإرهاب
كشف أحد المحتجزين لجريدة “العمق”، في شهادة صوتية نيابة عن المجموعة، أن محنتهم بدأت عندما تم استدراجهم إلى الصومال تحت ذرائع كاذبة من قبل مغاربة آخرين يعتقد أن لهم صلات بتنظيمات متطرفة. وأوضح: “جئنا بنية العمل الشريف”، حيث وعدوا بفرص في “دولة حديثة التكوين”، ليجدوا أنفسهم عالقين في وضع لم يكن في الحسبان.
أكدت شكاية الأهالي هذه الرواية، مشيرة إلى أن أبناءهم “دخلوا التراب الصومالي بهدف العمل بموجب عقود عمل”، إلا أنهم سرعان ما اكتشفوا بأنهم “قد تم خداعهم ووجدوا أنفسهم متورطين بما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش).”
رحلة الاعتقال والبراءة المؤجلة
إثر إدراكهم للخديعة، حاول المعنيون بالأمر الفرار، حيث روى أحد المحتجزين: “هربنا، كل واحد بمفرده”، مضيفا أنهم لجؤوا في نهاية المطاف إلى سكان بونتلاند طلبا للمساعدة، “طلبنا منهم الاتصال بالشرطة… سلمنا أنفسنا للشرطة”. غير أن هذا التسليم أدى إلى اعتقالهم وخوضهم معركة قانونية شاقة، حيث أفاد المتحدث: “في الحكم الأول، حكموا علينا بالإعدام”، وهو ما أكدته تقارير إعلامية سابقة أشارت إلى أن محكمة عسكرية في مدينة بوساسو بولاية أرض البنط قضت في 2 مارس 2024 بإعدام ستة مغاربة لإدانتهم بالانتماء إلى تنظيم “داعش”.
ولكن، بعد تدخلات قانونية، واهتمام إعلامي، واستئناف قدموا فيه أدلة وشهوداً على براءتهم – بمن فيهم أولئك الذين سلموا أنفسهم إليهم – تغير وضعهم. وأوضح المحتجز: “عندما تدخل المحامون والإعلام والرأي العام، أظهرت قضيتنا أننا أبرياء… برأتنا المحكمة وأمرت بترحيلنا. كان هذا قبل عام ونصف.”
ظروف احتجاز مزرية وانتظار مؤلم
رغم قرار البراءة، لم يتحقق الإفراج الفعلي. ويصف المتحدث ظروفا مزرية في سجن غاروي، قائلا: “يعطوننا وجبة واحدة في اليوم… نغسلها بالماء لنتمكن من أكلها”، مفصلا أيضا شح إمدادات المياه غير الصحية والتكلفة النفسية لاحتجازهم المطول وغير المبرر. وأضاف بحسرة: “نحن نعاني حقا؛ نعيش موتا بطيئا في هذا السجن.” وتفيد سلطات بونتلاند، حسب قوله، بأنها تنتظر تدخل بلدهم، موضحين لهم: “يجب أن تأتي بلادكم لأخذكم. أنتم أبرياء… لا يمكننا وضعكم في مؤسسة أخرى؛ سنبقيكم في السجن حتى تأتي بلادكم، فهذا هو أمانكم.”
وكان المجلس الوطني لحقوق الإنسان قد كشف في ماي 2024 عن قرار بترحيل هؤلاء المغاربة، معربا عن ترحيبه بالقرار بعد أن كان قد تواصل مع عائلاتهم واتخذ مجموعة من الإجراءات الاستعجالية.
أكد المحتجزون أن بعضهم غادر المغرب في أواخر عام 2023، مما يشير إلى أن فترة احتجازهم الكاملة قد تقترب من العامين بالنسبة لبعضهم، مع استمرار المعاناة لما يزيد عن 18 شهرا بعد صدور حكم البراءة، وتفاقمها بسبب ما وصفته شكاية الأهالي بـ”النزاعات السياسية والاجتماعية بين منطقة بونتلاند والصومال.” ويناشد الأهالي في شكايتهم قبول طلبهم على وجه الاستعجال والتدخل لمساعدة أبنائهم، مؤكدين أن “حكم ببراءتهم قد صدر”.
مقترح تحمل مصاريف الترحيل والإطار القانوني الدولي
في ظل هذه الظروف الصعبة وطول فترة الانتظار، نقترح أن تتكفل العائلات بمصاريف ترحيل أبنائها في حال تعذر على السلطات المغربية تغطية هذه النفقات، وذلك لإنهاء محنتهم في أسرع وقت ممكن.
يشار إلى أن ترحيل السجناء أو المحتجزين بين الدول ينظم عادة بموجب اتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف لنقل الأشخاص المحكوم عليهم، بالإضافة إلى مبادئ القانون الدولي التي تعنى بحقوق الإنسان والمعاملة الإنسانية للمحتجزين. ففي غياب اتفاقية محددة بين المغرب والصومال، يمكن أن يتم الترحيل بناء على مبادئ التعاون القضائي الدولي ومبادئ العودة الطوعية للمواطنين.