جون أفريك: صراع الصحراء المغريبة يأخذ بعدا أمريكيا

mapmedias

كشفت مجلة “جون أفريك” أن الصراع في الصحراء المغربية أخذ منعطفا جديدا، مع تصاعد النقاش في الكونغرس الأمريكي حول إمكانية تصنيف جبهة البوليساريو كجماعة إرهابية، وذلك في أعقاب هجوم صاروخي جديد شنته الجبهة قرب مدينة السمارة يوم 27 يونيو. وأوضحت المجلة في مقال تحت عنوان “المغرب: في الصحراء، الصراع يأخذ منحى أمريكيا”، أنه رغم عدم تسجيل أي أضرار بشرية أو مادية، إلا أن هذه الهجمات تعيد إحياء التوتر في المنطقة وتثير تساؤلات حول العلاقة بين التصعيد العسكري والتطورات السياسية الدولية.

هجوم السمارة: استفزاز جديد ورد مغربي حاسم

ذكرت الصحيفة أنه في 27 يونيو، استهدفت مدينة السمارة، العاصمة التاريخية للمنطقة الصحراوية، بهجوم صاروخي تبنته ميليشيات جبهة البوليساريو. ووفقاً للسلطات المغربية، لم يسفر الهجوم عن أي أضرار بشرية أو مادية. لكن مصادر أمنية مغربية، كما ذكرت مصادر إعلامية، أن خمسة صواريخ سقطت بالقرب من حي سكني، كما سقطت قذيفة بالقرب من ثكنة تابعة لبعثة الأمم المتحدة في الصحراء (مينورسو)، مما أثار حالة تأهب في المدينة. في المقابل، أكدت البوليساريو، عبر وكالة أنبائها الرسمية (S.P.S)، أنها استهدفت “مواقع عسكرية مغربية” وتسببت في “خسائر بشرية ومادية جسيمة”، وهي الرواية التي نفاها المغرب مؤكدا أن الصواريخ سقطت في منطقة غير مأهولة. ردا على الهجوم، تمكنت طائرة مسيرة تابعة لـالقوات المسلحة الملكية المغربية من تحديد موقع المهاجمين وتحييدهم بعد وقت قصير من الهجوم، شرق الجدار الرملي، حيث تم تدمير المركبة التي كانت تقل ميليشيات البوليساريو بضربة دقيقة. ولم تعلن الجبهة عن أي حصيلة دقيقة لضحاياها. ووفقاً لموقع “القدس”، زارت بعثة المينورسو موقع سقوط القذائف رفقة القوات المسلحة الملكية لإعداد تقرير سيُرفع إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش.

تصعيد عسكري بالتزامن مع مبادرة أمريكية لتصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية

أفادت “جون أفريك”، بأن الهجوم الجديد يأتي ضمن سلسلة من العمليات التي شنتها البوليساريو. ففي 8 نوفمبر 2024، أطلقت أربعة صواريخ قرب خيام تضم مدنيين يحتفلون بالذكرى 49 للمسيرة الخضراء في المحبس، ولم تسفر تلك الهجمات عن ضحايا، لكن ردا مغربيا بطائرة مسيرة أودى بحياة قيادي بارز في البوليساريو. كما شهدت السمارة هجمات مماثلة في 29 أكتوبر و4 نوفمبر 2023، أسفرت عن مقتل مدني واحد (شاب مغربي مقيم في فرنسا) وإصابة ثلاثة آخرين. تتزامن هذه التصعيدات العسكرية الأخيرة في 27 يونيو المنصرم، مع تقديم مقترح قانون مشترك بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس الأمريكي، بقيادة النائب الجمهوري عن ولاية كارولينا الجنوبية، جو ويلسون، والديمقراطي جيمي بانيتا. يهدف هذا المقترح إلى إدراج البوليساريو في قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية. وفي منشور له على منصة “إكس” أعلن فيه عن مسار المشروع التشريعي، وصف جو ويلسون البوليساريو بأنها “مليشيا ماركسية مدعومة من إيران وحزب الله وروسيا”، واتهمها بزعزعة استقرار المغرب، “حليف الولايات المتحدة منذ 248 عاما”. في حال الموافقة على هذا المقترح، يضيف المنبر الإعلامي، فإن تصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية سيشكل نقطة تحول جذرية في التعامل الدولي مع النزاع.

خبراء: البوليساريو تسعى للاستفزاز وسط تراجع دبلوماسي

أثارت مبادرة القانون الأمريكي ردود فعل في المغرب، حيث أعرب رئيس المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية، عبد الله بوانو، عن رفضه لتصنيف البوليساريو كجماعة إرهابية، مستنكرا في الوقت ذاته أفعال الجبهة بأنها “صبيانية” و”استفزازية”. وقال بوانو في 29 يونيو في الراشيدية، خلال مؤتمر إقليمي لحزبه، إن “هذه الجبهة تضم إخوتنا وأبناء عمومتنا، ومعظمهم مغاربة”، داعيا “المغاربة التائهين” إلى الانضمام إلى خطة الحكم الذاتي المغربية التي تدعمها أكثر من 160 دولة، بما في ذلك ثلاثة أعضاء دائمين في مجلس الأمن. كما دعا بوانو إلى سحب ملف الصحراء من اللجنة الرابعة للأمم المتحدة.

من جانبه، يرى المحلل السياسي والعسكري محمد شقير، مؤلف عدة كتب حول الجيش المغربي وعلاقات الدولة-القبيلة في المغرب، أن الهجوم الأخير يندرج في إطار نمط متكرر من استفزازات البوليساريو، يواجهها المغرب باستراتيجية ضبط النفس الدبلوماسي والرد العسكري المتحفظ. وفي تصريح لـ”جون أفريك”، أكد شقير أن المغرب يعمل وفق منطق التحول بدلاً من الإدارة، مع الدفاع عن وحدته الترابية كبوصلة. يعتقد شقير أن هجمات البوليساريو لا تغير شيئا من الوضع العسكري على الأرض، بل هي أقرب إلى “إيماءات يائسة، نتيجة للنجاحات الدبلوماسية المغربية العديدة (دعم أمريكي، إسباني، فرنسي، بريطاني، إلخ)”. ويلخص محمد شقير الوضع قائلا: “المغرب يعتبر أن الحرب قد انتُصرت باتفاق وقف إطلاق النار لعام 1991. والبوليساريو، التي ضعفت، تسعى إلى الاستفزاز.

لكن الرباط لا تنجر إلى هذه اللعبة، وتكتفي بضربات دقيقة، لاسيما عبر الطائرات المسيرة، وتبقى مركزة على هجومها الدبلوماسي وإستراتيجيتها لتنمية المنطقة.” ويضيف شقير أن الهجوم العسكري للبوليساريو يأتي في وقت تناقش فيه واشنطن الاعتراف الأمريكي بالطبيعة الإرهابية المحتملة للحركة. كما يرى أن هذه المناورة السياسية قد تشكل أيضاً ورقة ضغط على الجزائر، الداعم الرئيسي للبوليساريو، في أفق المفاوضات المستقبلية. ويلاحظ الخبير: “قد تتخذ الإدارة الأمريكية هذه الخطوة إذا استمرت الاستفزازات. فالولايات المتحدة، المنخرطة في مكافحة الإرهاب في الساحل، قد تعتبر البوليساريو عامل زعزعة استقرار في منطقة رئيسية.”

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.