حليمة عسالي: الهيبة الهادئة وذاكرة النضال الصادق

بقلم: ذة نهاد صفي

من عمق جبال خنيفرة، ولد اسم نسائي استثنائي، حملت صاحبته هم الوطن وقضايا نسائه ورجاله، بصمت العارفات وصبر المكافحات. حليمة عسالي، هذا الاسم الأمازيغي الأصيل، لم يكن يوما مجرد رقم في معادلة سياسية، بل كان وما يزال عنوانا لنضال نسائي عميق، لا تستهويه الأضواء بقدر ما يسكنه الالتزام الفعلي والتأثير الهادئ من قلب الميدان.

هي التي تنبع منها هيبة تجعلك تحسب لها ألف حساب حين تراها، لكن ما إن تجالسها حتى تستشعر دفء المرأة الطيبة، وصدقَ المشاعر المفعمة بالإنسانية. هي الصارمة حين يتطلب الموقف ذلك، وهي الخدومة التي لا توصد بابها في وجه أحد، امرأة قريبة من الناس، منصتة لهم، حاضنة لهمومهم، ومؤمنة بأن خدمة المواطنات والمواطنين شرف لا يشترى.

برلمانية سابقة والان عضو في مجلس جهة بني ملال–خنيفرة ولولايات متعددة، ومؤسسة لمنظمة النساء الحركيات، راكمت عسالي تجربة سياسية ميدانية تدرس، لم تنتظر تمكينا مفروضا، بل نزلت إلى الميدان، وخاضت الاستحقاقات جنبا إلى جنب مع الساكنة، وانتزعت احترام الجميع بكفاءتها، لا بانتمائها فقط.

واليوم، وهي تكرم من طرف فعاليات إعلامية وجمعوية، رفقة ثلة من النساء المغربيات الرائدات، فإن هذا التكريم ليس الأول بالطبع ولن يكون الأخير، بل هو محطة اعتراف مستحقة لمسار استثنائي، واحتفاء برمز نسائي يشكل مرجعية حقيقية في النضال الحركي والوطني. تكريم لامرأة حاضرة بقوة في تأطير النساء الحركيات وغير الحركيات، لامرأة لا تبخس أحدا نضاله، ولا تتأخر في خدمة كل من يقصدها، لامرأة يحبها حتى من يخالفها، لأن غضبها لا يلغي طيبتها، ولأن سعة صدرها ومصداقية مواقفها تفرض احترامها على الكبير قبل الصغير، وعلى النساء والرجال، داخل الحزب وخارجه.

حليمة عسالي ليست فقط قيادية حزبية؛ إنها روح الحركة الشعبية حين تكون على عهدها، وقلب السياسة حين تنبض إنسانية، وصوت المرأة المغربية حين تصر على انتزاع مكانتها لا انتظارها. تكريم اليوم هو لحليمة الإنسانة، حليمة القائدة، حليمة التي زرعت في كل من عرفها شيئا من الوفاء والنبل والبساطة والالتزام.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.