احتجاج نقابي على إقصاء الصحافيين من قوانين الإعلام الجديدة

بقلم: الأستاذ محمد عيدني

أعلن المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، في اجتماع عقده بمقره المركزي بالرباط عشية الخميس 10 يوليو 2025، عن رفضه لمشروعي قانونين جديدين يتعلقان بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة وتغيير وتثمين القانون المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين. وقد استحضرت النقابة في بيانها مطلبها الأساسي المتمثل في بناء منظومة قانونية منسجمة وسلسة ومترابطة، تشكل مدخل لعلاج وضع صعب يعيشه القطاع، مؤكدة على أن مهمتها كنقابة قد أنجزتها باقتدار بعد ستة أشهر من العمل المكثف.

وفي هذا السياق، استعرض المكتب التنفيذي مسارا طويل من العمل، شمل 18 ندوة دولية ووطنية وجهوية ومحلية، بالإضافة إلى لقاءات مفتوحة للإنصات للصحافيات والصحافيين ومنصات لتلقي المقترحات. وقد تم إيداع خلاصات هذا العمل في مذكرة مفصلة لدى اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر في اجتماع خاص. ومع ذلك، عبرت النقابة عن استيائها من إحالة المشروعين المذكورين مباشرة على الأمانة العامة للحكومة ثم على لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، بعد مصادقة المجلس الحكومي عليهما، دون استشارة النقابة الوطنية للصحافة المغربية، رغم وعود سابقة من وزير الثقافة والشباب والتواصل بفتح نقاش تشاوري حول التعديلات.

وتؤكد النقابة أن المجلس الوطني للصحافة لم يولد من فراغ، بل تأسس على قاعدة نضالية ومطلبية راكمتها النقابة الوطنية للصحافة المغربية، باعتبارها الإطار الأكثر تمثيلية وشرعية في الدفاع عن المهنة وكرامة الصحافيين. ولقد دشنت النقابة نضالها واقتراحاتها لمواجهة تمييع الحقل الإعلامي منذ تسعينيات القرن الماضي، عبر تنظيم ندوات دولية ووطنية ولقاءات مكثفة أثمرت توافقات حول تشكيل هيئة وميثاق أخلاقي. وقد برهنت النقابة على تمثيليتها القوية في القطاع من خلال انتخابات مناديب العمال، وتوقيع الاتفاقيات الجماعية وعقود البرامج الحكومية الخاصة بالصحافة المكتوبة، وفوز لائحتها في انتخابات المجلس الوطني الأخيرة.

وانطلاقا من هذا التاريخ والحقائق، عبر المكتب التنفيذي عن احتجاجه على تجاهل الهيئات النقابية في هذا المشروع، بداية من الديباجة التي عرفت الناشرين وتجاهلت الصحافيين، وهو ما اعتبرته النقابة مدخل لتصحيح هذه الرؤية التمييزية التي تضرب مبادئ دستورية. كما تعتبر النقابة أن سقف كل تشريع في القطاع يبدأ من الدستور ومن الخطب الملكية ذات الصلة، ومنها خطاب العرش لسنة 2004، الذي يلح على التعاقد والتشاور مع الهيئات المهنية. وعبرت النقابة عن امتعاضها من استبعاد عدد من المقترحات التي تضمنتها مذكرتها، بل وتضمين المشروع مواد مناقضة تماما لمطالبها، وعلى رأسها توسيع عدد الناشرين وتجميد حصة الصحافيين.

يطالب المكتب التنفيذي بضرورة توسيع مشاركة الصحافيين بما يضمن المقاربة التشاركية للمجلس ويسمح بتوافر العنصر البشري الذي يدير شؤون المهنة باقتدار. كما يعتبر اختيار المشروع في صيغته الحالية اعتماد نمط الاقتراع الاسمي الفردي ضربا للمكتسبات وتراجع واضح عن منطق الحكامة الديمقراطية، حيث يفضي عمليا إلى تهميش التنظيمات النقابية ويفتح الباب أمام منطق فرداني هش، يضعف مشروعية التمثيل ويقضي على فئات مهنية بأكملها، وعلى رأسها العاملون في الإعلام السمعي البصري والصحافة الجهوية والمستقلون. وفيما يخص مشروع القانون الأساسي للصحافيين المهنيين ونصوص أخرى تتعلق بلجنة الإشراف وتوزيع اللجن ولجنة الأخلاقيات والتأديب، يرى المكتب التنفيذي أنها في حاجة لضبط، وستكون موضوع مذكرة ترافعية لدى الوزير والبرلمانيين والمستشارين.

ولتنفيذ كل هذه الالتزامات، أعلن المكتب التنفيذي عن التهييء لمذكرة مفصلة حول الانشغالات والمقترحات والمطالب، وتشكيل لجن للتتبع والحوار مع الفاعلين المؤسساتيين والبرلمان بغرفتيه والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والفاعلين المدنيين والحقوقيين. كما سيتم التهييء لندوة صحفية موسعة لعرض تصور النقابة والتطورات المحتملة لمسار مناقشة المشروعين، بالإضافة إلى خطوات أخرى سيتم الإعلان عنها لاحقا. وأكدت النقابة أنها ستواصل ترافعها المسؤول دفاعا عن مهنة الصحافة وكرامة الصحافيين، وهي على كامل الثقة في ممثلي الأمة في قدرتهم على استحضار المصلحة الفضلى للإعلام والإعلاميين، باعتباره ركيزة أساسية في البناء الديمقراطي.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.