وجهت مجموعة من الفعاليات المدنية بمدينة الزمامرة شكاية رسمية إلى عامل إقليم سيدي بنور، تلتمس فيها فتح تحقيق عاجل وشامل بشأن ما وصفته بـ”الخروقات القانونية والتجاوزات الإدارية” المنسوبة إلى رئيس جماعة الزمامرة، عبد السلام بلقشور. وقد أكدت الشكاية أن هذه التجاوزات “أثرت بشكل سلبي على الوضع التنموي والخدماتي بالمدينة”، مما يستدعي تدخلاً عاجلاً لحماية المال العام وحسن تدبير الشأن المحلي.
ومن أبرز “الخروقات” التي تم التطرق إليها في الشكاية، “منع مستمر لحضور العموم لدورات المجلس الجماعي منذ 2022، في خرق واضح لمبدأ الشفافية”. هذا إضافة إلى رفض تسليم محاضر الدورات للأعضاء المعارضين رغم تقديم طلبات رسمية بهذا الخصوص، ومنح دعم مالي ضخم بقيمة 600 مليون سنتيم إلى نادي نهضة أتلتيك الزمامرة، رغم الأزمة المالية التي تعرفها الجماعة. وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس “يعد أحد المساهمين الفعليين في الشركة الرياضية المسيرة للنادي”، ما يطرح شبهة تضارب المصالح، وفق تعبير الشكاية.
وأضافت الشكاية أن المجلس لم ينفذ توصيات المجلس الأعلى للحسابات، حيث تعاني المدينة من غياب برنامج عمل رسمي وتدهور البنية التحتية كمقر الجماعة والسوق الأسبوعي. كما تضمنت الشكاية تفويت أراض جماعية دون اللجوء إلى مسطرة المزايدة العمومية كما ينص عليه القانون 57.19، مما أثار استياء واسعاً لدى الساكنة والجمعيات المحلية. وأفادت الوثيقة أن “رئيس جماعة الزمامرة عبد السلام بلقشور قام بهدم مقر الخزانة البلدية وتفويته لنادي رياضي دون تداول الموضوع في دورات المجلس، إضافة إلى تفويت عقار تابع لمؤسسة روض الأطفال للنادي نفسه في غياب تام لأي مقررات رسمية للمجلس”. علاوة على ذلك، أشارت الشكاية إلى توقيع اتفاقية مع مؤسسة العمران سنة 2016 بقيمة 16 مليون درهم دون تنفيذها إلى الآن، مما ساهم في استمرار مشكل دكاكين شارع الجيش الملكي وتعثر مشروع إعادة إيواء الحرفيين بالحي الصناعي.
وأشارت الشكاية كذلك إلى “فشل عدة مشاريع حيوية بالمدينة، من ضمنها مشروع المحطة الطرقية، وأضواء المرور، وتهيئة شارع الحسن الثاني، رغم تخصيص اعتمادات مالية كبيرة لها”. هذا بالإضافة إلى توزيع منح مالية على جمعيات محسوبة على الرئيس دون توفرها على تقارير أنشطة أو وثائق تثبت أوجه صرف المال العام، وزيادة على ذلك حرمان موظفي الجماعة من حقوقهم في الترقية والتعويضات القانونية منذ سنة 2021، في مخالفة واضحة لقوانين الوظيفة العمومية.
واختتمت الفعاليات المدنية شكايتها بمناشدة العامل لـ”التدخل العاجل وفتح تحقيق شفاف حول هذه الخروقات”، معبرة عن ثقتها في “كفاءة ونزاهة عامل الإقليم وحرصه على تطبيق القانون وخدمة الصالح العام، تماشيا مع توجيهات الملك محمد السادس”. من جانبه، قال موسى مريد، عضو اللجنة الإدارية للهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالمغرب ونائب منسق الهيئة بإقليم سيدي بنور، إن “الشكاية المرفوعة إلى عامل الإقليم الجديد تُعد بمثابة بطاقة تعريف لواقع مدينة الزمامرة، تهدف إلى تسليط الضوء على الوضعية التدبيرية المتأزمة للجماعة، وعلى مجموعة من التجاوزات والاختلالات التي ارتكبت طيلة السنوات الأخيرة تحت إشراف الرئيس الحالي للمجلس الجماعي”. وأوضح أن هذه الشكاية لم تقدم كإجراء عابر، بل كوثيقة مرجعية تؤرخ لجملة من الانحرافات التي طالت تدبير الشأن العام المحلي، في أفق إيقاف هذا النزيف والقطع مع سياسة اللامحاسبة.
وأكد مريد أن الشكاية تعكس الإجماع القائم بين مختلف الفعاليات السياسية والحقوقية والمدنية والجمعوية في مدينة الزمامرة، والتي توحدت على مطلب مشترك يتمثل في ضرورة تدخل عامل إقليم سيدي بنور بشكل مستعجل وفوري، خاصة وأن تحركاته الأخيرة داخل عدد من الجماعات التابعة لدائرة نفوذه قد لقيت إشادة واسعة. جماعة الزمامرة تمر من مرحلة اضطراب بنيوي حاد، نتيجة تراكم الاختلالات التسييرية والتدبيرية، والتي أثرت بشكل سلبي على السير العادي للمرافق العمومية، وعلى مستوى الثقة بين المواطنين ومؤسساتهم. وقد حاولت جريدة “العمق المغربي” التواصل مع عبد السلام بلقشور، رئيس جماعة الزمامرة، غير أنه تجاهل أسئلة الجريدة.