توتر في العرائش: تأهيل الشرفة الأطلسية يثير جدلاً واسعاً
ماب ميديا
انشر
تثير أعمال تاهيل الشرفة الأطلسية في مدينة العرائش، جدلاً محتدماً بين المجلس الجماعي، وفعاليات محلية مهتمة بالتراث، حيث تتعرض الأهداف والنتائج المتوقعة لانتقادات حول التأثير المحتمل على الخصوصيات المحلية والمعمارية، للموقع الرمزي.
يُعتبر المشروع جزءًا من تدخل عام يهدف إلى إعادة تاهيل الشرفة الأطلسية، التي تُعد منطقة ذات حمولة تراثية ومكونًا أساسيًا في النسيج المحلي للمدينة. وفقًا لجماعة العرائش، يستهدف المشروع تحسين جودة الفضاءات العامة، وتعزيز جاذبية المنطقة الساحلية، من خلال تحسين الوصولية، وتعزيز شروط السلامة، إضافة إلى تثمين الواجهة البحرية كعنصر من عناصر التاهيل الحضري.
يقدر المشروع، الذي يناهز تكلفته 45 مليون درهم، تنفيذ أعمال على مرحلتين: الأولى تتضمن إعادة تاهيل الممرات وتثبيت التجهيزات الحضرية،
وتهدف المرحلة الثانية إلى توسيع الفضاء وتدعيم مكوناته من خلال إنشاء عريشات ومنصات مطلة وعناصر تظليلية، وفق تصور وصفته المصالح الجماعية بالوظيفي والتكاملي.
ومع ذلك، أبدت فئات واسعة من النسيج المدني المحلي تحفظها حول منهجية تدبير المشروع، متهمة الجهات المعنية بتغييب المقاربة التشاركية وعدم فتح قنوات التشاور مع السكان وممثلي المجتمع المدني، خاصة في ما يتعلق بالتصاميم المعمارية المعتمدة والمستلزمات التقنية التي بدأت في تغيير معالم الفضاء بشكل أثار حفيظة عدد من الفاعلين.
وشهدت المنطقة احتجاجات عديدة، أبرزها وقفة رمزية نظمت مساء السبت، حيث رفعت شعارات تدين ما وصف بطمس الذاكرة الجماعية وتفريغ الشرفة من رمزيتها، داعية إلى وقف الأعمال بشكل مؤقت وفتح حوار ترابي يراعي الأبعاد الثقافية والمعمارية للفضاء.
من جهتها، شددت فعاليات حقوقية، من بينها فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ومنتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب، على ضرورة تقييم التأثير المحلي للمشروع، معتبرة أن الأعمال الجارية تتجه نحو فرض رؤية أحادية لا تنسجم مع متطلبات التدبير التشاركي. وطالبت بتكليف لجنة خبرة مستقلة للوقوف على مدى احترام المشروع لدفتر التحملات، ومدى انسجامه مع خصوصيات الموقع.
في المقابل، أكدت مصادر من داخل الجهاز التنفيذي للجماعة أن المشروع تم إعداده في إطار احترام الضوابط التقنية الجاري بها العمل، وبتنسيق مع مصالح الولاية وشركاء مؤسساتيين، مضيفة أن الهدف الأساسي هو معالجة وضعية التدهور التي كانت تعرفها الشرفة، وتاهيلها وفق معايير السلامة والوصولية، دون إغفال الأبعاد الجمالية والبيئية.
على المستوى التقني، رصدت بعض التقارير الميدانية غياب أسس داعمة للبنية التي شرع في تثبيتها، من قبيل اعتماد دعامات خشبية مؤقتة، وعدم تأمين الحماية من انزلاقات التربة أو العوامل المناخية القوية، ما أثار انتقادات من مهنيين في قطاع الهندسة المعمارية، تساءلوا حول ملاءمة التصور المعتمد مع خصوصية المنحدر البحري المجاور.
في ظل هذه التفاعلات، برزت دعوات إلى اعتماد مسار تصحيحي يزاوج بين استمرارية الأعمال واحترام توقعات السكان، في إطار إعادة بناء الثقة بين الفاعل العام والمجتمع المحلي، خاصة أن الموقع المعني يكتسي بعدًا وجدانيًا يتجاوز الوظيفة الترفيهية أو الجمالية، ويمس تمثلات سكان العرائش لهويتهم الجماعية.
وفي انتظار أي تعديل محتمل في هندسة المشروع أو تأجيل إنجازه، يبقى موضوع الشرفة الأطلسية مرآة للتوتر الكامن في علاقة المواطن بالفضاء العام، وحلقة أخرى من النقاش الوطني حول طبيعة التدخل العام في تدبير المناطق الحضرية ذات الخصوصية الرمز.