رغم الجهود المستمرة في المجال التشريعي، الرامية إلى تحديث الإطار القانوني، للعقارات والأراضي الغير مسواة عقاريا، لاتزال العديد من مناطق المملكة تعاني من مشكل غياب التسوية العقارية، خاصة في العالم القروي.
ويعد موضوع غياب التسوية العقارية في المغرب، أحد أبرز التحديات التي تعيق التنمية الإقتصادية والإجتماعية بمجموعة من مناطق المملكة، مما يؤدي إلى عدة مشاكل منها النزاعات العقارية، وعدم القدرة على إثبات الملكية، وتأخر التنمية العقارية، لعدم وجود سندات ملكية رسمية.
وهنا يتجدد السؤال حول مصير الأراضي السلالية، وسط مطالب شعبية لتمليكها لذوي الحقوق، من خلال مظاهرات سلمية ونداءات مدنية، ومن بين هذه المناطق تظهر منطقة سيدي بوقنادل التابعة لإقليم سلا، والتي تعاني منذ سنة 1989، من وضعية غياب التسوية العقارية، وبتالي غياب الملكية العقارية للساكنة.
تتميز منطقة سيدي بوقنادل، بموقعها الإستراتيجي المطل على الساحل المحيط الأطلسي، وقربها من المدن الكبرى ماجعلها محطة للتوسع العمراني، حيث وصل عدد سكانها 43.598 نسمة، بحسب إحصاء سنة 2024، لكن هذا التوسع العمراني لم يواكب المسطرة القانونية الأساسية التي وضعها المشرع المغربي، من تسوية عقارية، وتحفيظ عقاري، هذا الغياب لتسوية الوضعية العقارية، أدى إلى ظهور مجموعة من الإشكاليات المتمثلة في النزاعات العقارية، بين ذوي الحقوق والساكنة، إضافة إلى توقيف عدد من المشاريع التنموية، التي أنجزت لعقود من الزمن فوق تراب المنطقة، مع توقيف لرخص البناء لجميع البقع الأرضية بداخل تجزئة بوقنادل، وتوقيف العداد الكهربائي الثاني والثالث،للساكنة، و منع إنجاز أي مشروع تنموي جديد بالمنطقة، مستقبلا، كملاعب القرب والمساجد والمدارس…ما يؤكد توقيف عجلة التنمية بالمنطقة، ويستدعي تدخل الوزارة الوصية لربط المسؤولية بالمحاسبة.
وتعد الأراضي السلالية أو مايعرف بأراضي الجموع، أراض يستغلها ويمتلكها مجموعة من السكان من ذوي الحقوق تربطهم روابط عرقية وعائلية، وهي ملك للجماعات السلالية، والتي غالبا ماتكون عبارة عن قبائل ودواوير قروية، وتدار تبعا للأعراف والتقاليد، تحت وصاية وزارة الداخلية.
و التسوية العقارية هي حجر الزاوية في عملية التنمية المستدامة لأي منطقة، فهي تضمن الإستقرار القانوني للملكية العقارية للساكنة، بإعتبارها عملية قانونية تهدف إلى تصحيح أوضاع البنايات غير القانونية، أو المخالفة للقوانين والأنظمة المعمول بها عبر منح رخص تسوية، تسمح لهذه البنايات بالإستمرار في الوجود القانوني، مما يساهم في التنظيم العمراني والحفاظ على الحقوق ومصالح المواطنين.
وغياب التسوية العقارية بمنقطة سيدي بوقنادل لأزيد من 35 سنة يشير مباشرة إلى غياب الإرادة السياسية للمجلس الجماعي، لعدم تفعيل برنامج التسوية العقارية، رغم تبسيط الإجراءات القانونية،التي جاءت في القانون رقم 08.15 الذي يهدف إلى تسوية الوضعية العقارية للبنايات غير المطابقة للقوانين سواء كانت مرخصة أو غير مرخصة، بحيث يتم إضفاء الطابع القانوني عليها، وقد تم تمديده إلى ديسمبر من السنة الجارية، إضافة إلى غياب الوعي بحقوق المواطنين، وسوء التسيير الإداري للمجلس الجماعي، مما يؤثر سلبا على حرية التصرف في ممتلكات العقارية للساكنة بالمنطقة، التي لاتتوفر على وثيقة الملكية العقارية، وبالتالي تصنف من دواوير العشوائية بقوة القانون.
