مراكش على فوهة بركان: ملف زعيمة عصابة الابتزاز يفضح عيوب المدينة ويهدد سمعتها

بقلم: شهبندر المراكشي

مراكش، المدينة العتيقة، عمود السياحة المغربية، وأيقونة التاريخ والثقافة، تواجه اليوم واحدة من أخطر أزماتها الاجتماعية والأخلاقية، بعدما انكشفت حقائق مزلزلة تتعلق بشبكة ابتزاز واستغلال تتستر وراء مهنة الصحافة المزيفة. قضية الشابة الموصومة بصفحة “الصحفية”، التي تحولت إلى رأس حربة لعصابة ابتزاز محترفة، باتت اليوم الحديث المهدد للاستقرار الأمني والسمعة السياحية للمدينة الحمراء.

الملف الذي هزَّ أركان مراكش:
لم تكن القضية بسيطة أو عابرة، فهي فضيحة أشعلت فتيل النقاش حول مدى هشاشة المشهد الإعلامي في مدينة تتطلع لأن تكون منارة للسلام والأمان لزوارها، ومحطاً للثقافة والفن. فحسب المعطيات التي توافرت من خلال التحقيقات الأولية، فإن المرأة المتنكرة في زي الصحفية كانت تتلقى مبالغ مالية شهرية من بعض أصحاب المقاهي والمتعاطين للشيشة، مقابل تقديم “حماية” لهم من المراقبة الأمنية أو الإعلامية، في استغلال صارخ لاسم المهنة وتدنيس لصورة الإعلام الشريف.

كيف استطاعت شخصية كهذه أن تتغل داخل نسيج المدينة المختنق بالمظاهر السياحية والأمنية، وتنهب ثقة المجتمع، بل وتورط معه أطرافاً أخرى من الذين يُعول عليهم أن يكونوا حماة للكرامة والأمان؟ هل كانت هناك ميوعة أمنية، أو تغطيات لمحاولات تملق فتحت أبواب الشر على مصراعيها؟

صورة مراكش، العنوان الوحيد:
مراكش، رغم جمالها ومكانتها، أصبحت اليوم عنواناً للفساد الذي يُهدد مستقبل السياحة والاقتصاد، خاصة وأن المدينة تستقبل ملايين السياح من جميع أنحاء العالم، الذين يأتون إلى المغرب بحثاً عن الصفاء والأمان، لكن أن تتصدر أخبار الابتزاز والتلاعب بالمبادئ الصحفية، فذلك يطيح بكامل الوعود التي أطلقتها المدينة في سياق تنشيط السياحة النظيفة والشفافة.

لقد عبرت الجهات الرسمية، خلال الأسابيع الماضية، عن استنكارها الشديد، لكن الوقائع على الأرض تظهر أن هناك تقصيراً واضحاً في التعامل مع هذه القضايا. فالسياح، الذين يأتون إلى مراكش بغرض الاستمتاع بتاريخها وتراثها، أصبحوا اليوم يعايشون مشهداً مرعباً من الاستغلال والانتهاك، الذي يهدد سمعة المدينة كوجهة سياحية.

الحقائق والمعضلات:
هل هناك جهات أو شخصيات نافذة تقف وراء حماية هذه العصابة، أو على الأقل تتستر على أنشطتهم؟ وما مدى تأثر رجال الأمن والسلطات المحلية، وهل هناك ضغوطات خفية تعوق سير التحقيقات؟ جميعها أسئلة تحتاج إلى إجابات، بينما تظل الحقيقة في عمق التحقيقات الجارية، التي يأمل الجميع أن تكشف عن شبكة كاملة من المسؤولين والمتواطئين، وتعيد إلى المدينة صورتها النقية، التي تعبث بها أيادي الفساد.

المسؤولية أخلاقياً ومهنياً:
المشهد الحقيقي يفرض على كل فاعل في الساحة، سواء كان أمنياً، إعلامياً، أو سياسياً، أن يتحمل مسؤوليته كاملة، وأن يصر على الكشف عن الحقيقة، مهما كانت النتائج. فالمدينة التي تعيش على كرسي السياحة، لا يمكن أن تعيش وسط شبكة من الثغرات والخروقات التي تضر بسمعتها الوطنية والمحلية.

وفي نهاية المطاف، كفانا مماطلة، فالشعب المراكشي، والمجتمع، ينتظرون اليوم خطوة جريئة، تُظهر أن مراكش ليست مدينة تستسلم لفلول الظلام، وأنها قادرة على استعادة صورتها كعاصمة للثقافة والفن، والصحافة الحرة، والعدالة.

وبالتالي، سيتم الكشف عن كل التفاصيل قريباً، وسيكشف التحقيق عن من يقف وراء هذه العصابة، ومن يحميها بأعمدة السلطة والمال، لكن الأهم هو أن نعي جميعاً أن مراكش فوق فوهة بركان، وما يحدث فيها اليوم هو درس قاسٍ يجب أن نستلهم منه العبر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.