الإضراب المفتوح عن الطعام بسبب تأخير البث في ملف قضائي يهدد حياة البرلماني “رشيد فايق”
ماب ميديا
انشر
يخوض النائب البرلماني ورئيس الجماعة الترابية “أولاد الطيب” سابقا، “رشيد فايق”. المعتقل بسجن “رأس الماء”، إضرابا مفتوحا عن الطعام منذ أكثر من ثمانية عشر يوما. وذلك احتجاجا على تأخير البث في مذكرة النقض المودعة لدى “محكمة النقض” ب”الرباط” والمضايقات التي يتعرض لها داخل السجن.
وهكذا ووفق مصادر مقربة، فإن ملف “الفايق” القضائي لا يزال قيد الانتظار رغم مرور أشهر على تقديم مذكرة الطعن في الحكم الصادر في حقه، وهو أمر غير مفهوم ويسجل سابقة غير معهودة في تاريخ القضاء المغربي، وهو ما خلق جوا من القلق حيال الملف وخلاصاته، وأثر بالتالي على استقراره النفسي والجسدي، علما انه يعاني من مجموعة من الامراض المزمنة.
تجدر الإشارة إلى أن “رشيد الفايق” يعاني من تدهور حاد في وضعه الصحي نتيجة مجموعة من الأمراض المزمنة، ضمنها القلب والسكري…، وقد زاد من صعوبتها إضرابه المفتوح عن الطعام. وهو ما يشكل تهديدا فعليا لحياته، في ظل حالة استمرار الوضع على ما هو عليه.
وأكدت مصادر “جريدة أصوات” أن هذا الإضراب هو رد فعل من قبل “الفايق” على التأخير في البث في مذكرة النقض المرفوعة لمحكمة النقض، وأيضا لسلسلة المضايقات التي يتعرض لها بالسجن ضدا على مبادئ العدالة السجنية والمواطنية، وفقا للقوانين الوطنية والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان.
وفي هذا السياق أعرب ناشطون عن قلقهم البالغ حيال هذا الوضع الصحي الذي يعاني منه “رشيد الفايق”، مطالبين السلطات القضائية بسرعة التدخل وتقديم شرح عاجل لهذا التأخير غير المبرر، ومن إدارة السجن التوقف عن التضييق على حقوقه المشروعة كسجين ونقله للجناح الخاص بالمرضى والكف عن سياسة الترهيب الممارسة في حقه، مع توفير الرعاية الصحية اللازمة له كمواطن وكإنسان إسوة بباقي السجناء. مؤكدين على ضرورة تطبيق المقتضيات القانونية التي تضمن حقوق المتهمين، خاصة في ظروف تدهور صحتهم والحرص على حماية حياتهم.
وفي ظل استمرار الحالة، يبقى أمل “رشيد الفايق” في نيل حقه القانوني وإنصافة داخل المؤسسة السجنية كحق طبيعي وإمداده بقطرة حياة بتعجيل البث في المذكرة المرفوعة. ضمانا للحق في الحياة المهددة بفعل إضرابه عن الطعام مع تدهور وضعه الصحي الذي ستكون له آثار وخيمة في حالة استمراره، وإيقاف تعنث إدارة السجن عن منحه حقوقه القانونية والدستورية كسجين، اعتبار لكون الحق في الحياة والكرامة هي من أسمى ما أوصت به الديانات السماوية القوانين الوضعية الوطنية والكونية.
فالوضع داخل السجن لا يعني بأي حال من الاموال ممارسة القتل أو التضييق أو المصادرة تحت اي ذريعة، بما أن المديرية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج ترفع شعارا مركزيا لها مفاده أن “السجن تهديب وإصلاح وليس مصادرة وتضييق ومنع من حقوق الإنسان الساسية، وهو ما يعرض “رشيد الفايق” لخطر داهم بسبب التدهور الحاد في وضعه الصحي، وهو ما يفجر بالتالي تحذيرات عاجلة من مستقبل استمراره في معركته.
تجدر الإشارة إلى أن الفصل 23 من الدستور المغربي لعام 2011، يضمن الحق في السلامة الجسدية والمعنوية والحماية من كل أشكال المعاملة القاسية أو اللاإنسانية. كما أن الفصل 120 منه يلزم السلطة القضائية بالبت في القضايا في أجل معقول، فيما تلزم المادة 396 من قانون المسطرة الجنائية المغربي، محكمة النقض بالبت في الطعون خلال أجل ثلاثة أشهر من تاريخ إيداع المقال، وهو أجل يتجاوز بكثير ما ورد في حالة “رشيد الفايق”.
واقعة تضع السلطات القضائية والسجنية أمام اختبار حقيقي للتوفيق بين متطلبات العدالة وحماية الحق الأساسي في الحياة، سواء من ناحية المسؤولية الجنائية، في حال حدوث أي ضرر جسيم لصحة “رشيد الفايق” أو وفاته، إذ من الممكن أن تثار مسؤوليات جنائية ضد المتسببين في هذا التأخير تحت طائلة القانون الجنائي المغربي، والمادة 432-431 ذات الصلة بإهمال الواجب، كما أن هذا الوضع تكون مسؤوليات دولية تعرض بلادنا لانتقادات وضغوط من قبل هيئات، ضمنها “لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة” و”المفوضية السامية لحقوق الإنسان”. فضلا عما تخلفه من أزمة ثقة في نفوس المواطنين تجاه قدرة النظام القضائي على تحقيق العدالة في الآجال المطلوبة.
فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن نسقط في قول “ويليام شكسبير”: “لقد أصبح انتظار العدالة هو العقوبة ذاتها، وهذا هو الإجحاف بعينه”. لأن تأخير العدالة هو في نهاية المطاف إنكار لها، كما ان حقوق الإنسان لا تعرف التأجيل، وحياة الإنسان لها أولوية فوق أي اعتبار بيروقراطي أو قضائي، لأن الحق ليس مجرد مطلب تقني، بل هو ضمانة أساسية من ضمانات إمداد المؤسسات والكيانات والأفراد بالحياة الفعلية القائمة على العدل والمساواة.
فما يعيشه سجن “رأس الماء” ومعاناة “رشيد الفايق” داخل أسواره مع إضرابه المقتوح عن الطعام هي جرس إنذار عال ينبه إلى خلل خطير في المنظومة القضائية والسجنية، قد يؤدي إلى كوارث إنسانية، إن لم يتم التحرك العاجل للسلطات المعنية للبت في ملفه، لأن إنقاذ حياته ليس فقط واجبا قانونيا ودستوريا، بل هو اختبار حقيقي لإرادة الدولة في احترام التزاماتها الدولية وحماية الكرامة الإنسانية الأساسية لجميع الأفراد، بغض النظر عن خلفياتهم أو تهمهم.