الإعلام المغربي بين الحق في النشر وأخلاقيات المهنة: ما الفرق بين نشر الحقائق والتشهير؟

بقلم الأستاذ محمد عيدني

يعد العمل الصحفي أحد أعمدة المجتمع الذي يساهم في نشر الوعي، وتعزيز المساءلة، والمساهمة في تطوير حالة من الشفافية الوطنية، يتطلب هذا العمل التزامًا صارمًا بمعايير المصداقية والدقة، إذ يبنى على نشر الحقائق المستندة إلى مصادر موثوقة، وتنفيذ شروط المهنة التي تحظر التعدي على خصوصية الأفراد أو المؤسسات.

انطلاقًا من هذه المبادئ، يظهر التحدي الكبير المتمثل في ضرورة التمييز بين ممارسة صحفية مسؤولة، والتصرف الذي يتحول إلى تهجم أو تشهير يضر بالسمعة ويمس بالحقوق الشخصية، تعد الأطر القانونية والأخلاقية مرجعًا أساسيًا في تحديد حدود الاستخدام المشروع للحق في الإعلام، خاصة في عصر تتسم المعلومات فيه بسرعة الانتشار وازدواجية المصادر.

ظل النقاش حيا حول مفارقة مهمة، وهي أن نشر خبر صحيح، يعتبر من صميم واجبات الصحافة، في حين أن مغالاة بعض الوسائل الإعلامية أو النشطاء في استغلال هذا الحق لإلحاق الضرر هو ما يحدد طبيعة الجريمة، ينظر المجتمع والقانون إلى التشهير كعمل جرمي قد يُعاقب عليه، لأنه يتعدى على الحقوق الشخصية، ويُهدد الاستقرار الاجتماعي.

جانب آخر يستوجب التذكير أن فهم أخلاقيات المهنة، يعزز من قدرة الصحفي على التمييز بين الضرورة المهنية، والنية في الإضرار، خاصة عندما تتداخل مصلحة الجمهور مع حقوق الأفراد، يزيد من أهمية ذلك وعي العاملين بالمجال الإعلامي، والتزامهم بقواعد المهنة التي تفرض عليهم احترام الكرامة، والتعامل بحذر مع المعلومات الحساسة، مع ضمان عدم الإساءة أو التجاوز على الحقوق.

وبالتالي، يدعو الواقع إلى تحديث القوانين، وتطوير اللوائح المهنية التي تواكب التغيرات التقنية، مع ضرورة توعية الصحفيين بمسؤوليتهم الاجتماعية، وظيفتهم في خدمة المجتمع، وعدم التهوين من أثر الأخبار على حياة الأفراد والمؤسسات. إنّ تحقيق التوازن بين حق المجتمع في المعرفة، وحق الشخص في الخصوصية، يُبقى أساس العمل الصحفي الشريف، ويضمن تعزيز مكانة الإعلام كمصدر للثقة والمسؤولية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.