نداء من الصحافة الوطنية: دعم حقيقي لمعالجة التحديات وتحقيق العدالة للإعلاميين

بقلم: الاستاذ محمد عيدني

يشهد المشهد الإعلامي المغربي معاناة متفاقمة لصحافيي ومهنيي الإعلام الوطني، الذين يقفون اليوم على حافة الانهيار، بعد سنوات طويلة من العمل الدؤوب والتضحيات الجسام، دون أن تحظى جهودهم بأي دعم مادي أو اعتراف رسمي يُذكر. إنها مأساة حقيقية تعكس عمق الأزمة التي ترخي بظلالها على القطاع، وتتحول إلى واقع مر يتجلى في ضعف القدرات، وفقدان الثقة، وغياب حماية قانونية ومادية تضمن استمرارية العمل، وتحفظ كرامة العاملين في هذا المجال الحيوي.

العمل بدون أجر… واقع مرير يعيشه الإعلاميون المغاربة:

لا يُشترط أن يكون العمل في مجال الصحافة والإعلام مجانياً، فهذه مهنة ليست فقط رسالة، بل بدورها المهني الذي يستوجب التكريم والدعم، خاصة في بلد يخوض معركة الحفاظ على هويته الوطنية، ويمد يد العون لكل من يساهم في الدفاع عنها، إلا أن الواقع المغربي يؤكد شيئًا آخر، إذ أن نسبة كبيرة من المقاولات الإعلامية، تصل إلى حوالي 75%، تعيش أوضاعًا مالية صعبة، بل على حافة الإفلاس، نتيجة غياب الدعم، وتجاهل السلطة الرسمية، والافتقار إلى إطار قانوني يحمي القطاع ويشجع على الاستثمار فيه.

وفي المقابل، يظل الصحفيون والانتدابيون يعملون بشجاعة وإخلاص، دون أن يتلقوا مقابلًا ماليًا يُعِينهم على تلبية متطلبات الحياة الأساسية، من توفير الأدوية، والعيش، وحتى استمرارية العمل بشكل لائق. فهل يعقل أن نبقى ننتظر أن أهالي الصحافة المغربية يظلّون يدافعون عن الوطن، ويبحثون عن أزهد حقوقهم المشروعة، ويُحاربون من أجل استمرارية مهنة، دون أن يجدوا من يحول أعباءهم إلى أمل، ومن يعترف بجهودهم ويقدم لهم حقوقهم المشروعة؟

موقف النقابات والجمعيات… أين فاعلية الدعم؟:

متى ستتحرك النقابات، والجمعيات، وكل مسؤولي القطاع، من أجل انتزاع حقوق الصحفيين، وتوفير الحماية المادية، وتأمين استقرار وظيفي ومهني؟ لماذا يبقى هؤلاء المشتغلون مهددين بالمجهول، يتنقلون بين وظيفية غير ثابتة، وبيئة عمل غير محفزة، وهم يحملون هموم وطنهم وقضايا مجتمعية لا تنتهي، ويواجهون ضغوطًا اجتماعية، وغياب أدنى حقوقهم؟

لقد نفد الصبر، ومعه، كان على جيوبهم أن تفرغ، فالمعاناة لم تعد تحتمل، والأوضاع تزداد سوءًا مع مرور الوقت. نحن اليوم أمام لحظة حاسمة، إما أن نتحرك ونتحد لإيجاد حلول جدية، أو نُخلي الساحة لآلاف المشتغلين في قطاع الإعلام، الذين يواجهون مصيرهم المجهول، في غياب أبسط حقوقهم، وتجاهل تام لمكانتهم ودورهم في بناء المجتمع.

 إلى من يهمه الأمر:

رسالة أمل، نوجهها إلى كل من يحمل هم القطاع من مسؤولين، ونقابات، وجمعيات، وكل غيور على مصلحة الوطن، أن يُعِيَ حجم المعاناة، وأن يتحرك لوقف نزيف الحقوق، من خلال دعم حقيقي وفعلي، يُعطي الصحافة الوطنية مكانتها التي تستحقها. لا يمكن أن نبقى على تراشق الاتهامات، بينما يعاني من يكتبون، ويقفزون من أجل الحقيقة، في صمت قاتل، وحياة كلها تحديات، تنتظر فقط الإصغاء والاعتراف.

إنها دعوة لأن نقف جميعًا على قلب رجل واحد، للمطالبة بما هو حق مشروع، من أجل استمرارية الإعلام الوطني، ومرافقة من يمثلونه في أدوارهم النبيلة، التي تستحق أن تكون أداة قوة، لا أداة فقر وتهميش. فلنصنع معًا مستقبلاً يضمن كرامة الإعلاميين، ويعيد لهم حقوقهم، ويؤمن لهم بيئة عمل مستقرة، متآلفة مع دورهم المقدس، في بناء مستقبل بلدنا، والمحافظة على هويتنا الوطنية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.