مسرحية “تخرشيش”مشاهد ماجنة على مرأى الناشئة

ليلى بهلولي

برزت على الساحة الفنية المغربية، خلال السنوات الأخيرة، ظاهرة المسرحيات الماجنة، التي تتعمد تقديم محتوى مليء بالمشاهد الجنسية، حيث تتجاوز الخطوط الأخلاقية، و القيم المتعارف عليها في المجتمع المغربي، وتنتهك الأداب العامة، بأسلوب فج يفتقر إلى العمق الفني، والإبداعي، وهو ما يطرح أسئلة عميقة حول دور المسرح ووظيفته، هل هو أداة للصدمة وكسر التابوهات ؟ أم وسيلة للتنوير والتثقيف ضمن الحدود المقبولة إجتماعيا؟.

فبين حرية التعبير، والإنضباط الأخلاقي، ينبغي إيجاد توازن يحفظ كرامة الفن ويصون أخلاق المجتمع، فالفن الراقي لا يحتاج إلى خدش الحياء، كي يلامس القلوب أو يثير النقاش، بل يحتاج إلى فكر، وذوق، ومسؤولية.

وقد أثارت مسرحية “تخرشيش” التي تسمت بمحتواها الجنسي الجريء، حيث ستخدمت فيها حركات جنسية، ومشاهد فاحشة، بغرض فتح نقاش حول ظاهرة الإغتصاب، حسب مخرج المسرحية، لكن على حساب القيم الأخلاقية للمجتمع المغربي، و الذوق العام. فهل ظاهرة التحرش الجنسي أو الإغتصاب تحارب بالتجسيدها على خشبة المسرح ؟.

وهنا يثير النقاش حول حدود الفن، وتوازناته الدقيقة، بين التعبير الفني، وإحترام الضوابط الأخلاقية والثقافية للمجتمع، فهي مسرحيات تقدم بأسلوب يفتقر إلى العمق الفني والنقدي، وتعتمد فقط على الإثارة الرخيصة لجذب الإنتباه.

وفي ظل هذا الواقع، برزت دعوات من مثقفين ومهنيي القطاع الفني إلى ضرورة وضع ميثاق أخلاقي للفن المسرحي، يوازن بين حرية التعبير، وضرورة احترام القيم الأخلاقية، مع تشجيع الأعمال الجادة التي تطرح قضايا المجتمع بأسلوب فني راق.

وهنا تطرح إشكالية الرقابة الفنية حول ضرورة وجود ضوابط تحمي القيم المجتمعية، ومحاربة الإنحلال الأخلاقي، ومسؤولية هيأة السمعي البصري،”الهاكا” من أجل التوازن بين حرية الإبداع، والحفاظ على قيم المجتمع.

فالمسرح، باعتباره مرآة المجتمع، من المفترض أن يعكس هموم الشعب وتطلعاته، فهو فن حي يجمع بين الممثلين والجمهور لتقديم قصص أو أحداث حقيقية أو خيالية باستخدام الكلام، الحركة،

والموسيقى، بغرض الترفيه والتعبير عن الأفكار والمشاعر الإنسانية، ومعالجة القضايا الإجتماعية، والفكرية، لأجل تنمية الوعي الثقافي والاجتماعي، من خلال تسليط الضوء على قضايا المجتمع، من تعليم وصحة… وتشجيع التفكير النقدي لدى الجمهور، لكن من نراه اليوم في بعض العروض المسرحية المغربية، هو تجسيد واضح لمشاهد جنسية بغرض التطبيع وتأكيدها داخل المجتمع.

فعندما يسود المسرح التجاري الماجن، يختفي تدريجيا المسرح الجاد والهادف الذي يطرح قضايا الإنسان، والمجتمع برؤية فنية راقية، مما يؤدي إلى انخفاض الذوق الفني العام، وإفراغ الفن من محتواه التثقيفي والتنويري، ليصبح مجرد وسيلة للترفيه الرخيص.

السياق القانوني:

ويذكر أن الإخلال العلني بالحياء العام، صنفه المشرع المغربي ضمن جرائم العرض في المادة 483، من القانون الجنائي المغربي، وهي جرائم التي تمس بالحياء العرضي سواء وقعت على شخص، أو وقع نظره عليها بدون رضاه، فهي ارتكاب فعل فاضح أو عري متعمد أو بذاءة في الإشارات أو الأفعال في مكان عام أو أمام شخص أو أكثر، ويمكن أن يحدث ذلك سواء في الأماكن المادية، أو على منصات التواصل الاجتماعي، ويعاقب عليه بالحبس الذي يمكن أن يصل إلى سنتين، والغرامة التي تتراوح بين 120 و500 درهم، وله ثلاثة أركان وهي الفعل المادي، والعلانية، والركن المعنوي وهو القصد الجنائي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.