في خطاب رسمي بمناسبة الذكرى الثامنة عشرة لتوليه العرش، وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس تحذيراً صارماً للطبقة السياسية المغربية، مشيراً إلى أن ضعف الثقة بين المسؤولين السياسيين وانعدام الفاعلية في إدارة القضايا العامة يمثل تهديداً مباشراً لمصالح المواطنين واستقرار البلاد.
وقال الملك: “إذا أصبح ملك المغرب غير مقتنع بالطريقة التي تمارس بها السياسة، ولا يثق في عدد من السياسيين، فماذا بقي للشعب؟”، في تصريح يعكس قلقه من الانسداد السياسي وتأثيره السلبي على الثقة العامة بالمؤسسات.
سياق سياسي متوتر:
يأتي خطاب الملك في وقت يشهد فيه المشهد السياسي المغربي سلسلة من التحديات، أبرزها الخلافات بين الأحزاب، وتأخر تنفيذ برامج تنموية مهمة، وكذلك القصور في تقديم خدمات أساسية في بعض المناطق، وقد لاحظ مراقبون أن ضعف التنسيق بين المؤسسات السياسية المختلفة أدى في مرات عدة إلى شعور المواطنين بالإحباط، خاصة في القضايا المتعلقة بالتوظيف، الصحة، والإسكان.
دعوة لتعزيز الشفافية والمسؤولية:
أكد الملك على أهمية تعزيز الشفافية والمساءلة في العمل السياسي، وتمكين المؤسسات من القيام بمهامها بشكل فعال، بعيداً عن أي تدخل مباشر، وشدد على أن المواطن يجب أن يكون محور الاهتمام، وأن أي تقصير في هذا الجانب يؤدي إلى تراجع الثقة العامة بالمؤسسات.
وفي هذا الإطار، اعتبر بعض المحللين أن خطاب الملك هو دعوة واضحة للطبقة السياسية إلى مراجعة أساليبها وإعادة بناء الثقة مع المواطنين، وضمان أن تكون السياسات العامة في خدمة الشعب قبل أي اعتبارات أخرى.
ملاحظات تاريخية:
منذ توليه العرش سنة 1999، حرص الملك محمد السادس على تعزيز الدولة المؤسساتية، وتشجيع الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وقد تضمنت السنوات الماضية مبادرات لإصلاح العدالة، تطوير التعليم، وتعزيز دور المرأة والشباب في الحياة العامة، لكنها واجهت أحياناً تحديات تتعلق بالبيروقراطية وعدم التنسيق بين المؤسسات.
ويقول محللون إن تصريحات الملك الأخيرة تبرز استمرار الالتزام بالمبدأ ذاته، وهو أن الدولة تحتاج إلى مؤسسات قوية ومسؤولة، قادرة على تلبية حاجيات المواطنين وضمان العدالة والمساءلة، كما أنها تشكل تذكيراً للفاعلين السياسيين بأن الثقة الشعبية ليست أمرًا مفروغاً منه، وأن الحفاظ عليها يتطلب جهوداً حقيقية وشفافة.
انعكاسات محتملة:
من المتوقع أن تحفز هذه التصريحات نقاشاً واسعاً بين الأحزاب السياسية والمجتمع المدني حول دور المسؤولين في خدمة المواطنين وتعزيز الشفافية. كما قد تؤدي إلى تسريع بعض الإصلاحات الضرورية لتحسين الأداء السياسي والإداري، بما يعكس روح الخطاب الملكي الذي يركز على المواطن وحقوقه الأساسية.