العدالة القضائية في ميزان الإحتجاجات

بقلم: الأستاذ محمد عيدني

تشهد المملكة المغربية في الفترة الأخيرة موجة من الإحتجاجات  التي أثارت اهتمام الرأي العام، وأيضاً تساؤلات كبيرة حول كيفية تعامل الجهات المسؤولة معها بطريقة عادلة وموضوعية، وبينما يتابع المواطنون التطورات عن كثب، يتضح أن هناك ضرورة ملحة لضمان ألا  تتحول التحقيقات القضائية إلى أداة قد تضر بأشخاص أو شباب لا علاقة لهم بأعمال الشغب والتخريب.

إن المسؤولية الملقاة على عاتق النيابة العامة كبيرة، فهي مطالبة بإجراء تحقيق معمق وشامل يفرق بدقة بين المتورطين الفعليين والأبرياء الذين شاركوا سلمياً في التعبير عن مطالبهم، وأي تسرع في استنتاج النتائج أو إصدار ملاحقات قد يؤدي إلى تعسف، ويضعف الثقة بين المواطنين والمؤسسات القضائية.

ويشير المختصون إلى أن التحقيقات يجب أن تلتزم بمعايير واضحة للعدالة، تشمل جمع الأدلة الدقيقة، استماعاً للشهود، الاستعانة بالخبرات الفنية والمخبرية، والتأكد من سلامة الإجراءات القانونية، كما أن احترام الحقوق الأساسية، مثل حق التظاهر السلمي وحق الدفاع، يشكل حجر الزاوية في تحقيق العدالة.

الخطأ في هذه المرحلة قد يكون له آثار بعيدة المدى، إذ يمكن أن يؤثر على سمعة الشباب الأبرياء، ويخلق انقسامات اجتماعية، ويضعف الالتزام المجتمعي بالقانون والنظام، ومن هنا تأتي أهمية الحذر والموضوعية، وضمان أن كل قرار قضائي يستند إلى أدلة ملموسة، بعيداً عن الانفعالات أو الضغوط السياسية والاجتماعية.

وتؤكد هذه المرحلة على أن العدالة ليست مجرد ملاحقة المخالفين، بل حماية المواطنين الذين قد يكونون عرضة للظلم، وضمان مساءلة المسؤولين الحقيقيين عن أعمال التخريب والعنف، إن التعامل بحكمة ودقة مع هذه التحقيقات ليس مطلباً قانونياً فقط، بل واجب وطني يضمن تماسك المجتمع واستقرار البلاد.

وفي الختام، يجب أن يكون المبدأ الأساسي لكل تحرك قضائي هو النزاهة والموضوعية، مع التأكيد على أن حماية الأبرياء ومحاسبة المخالفين الحقيقيين يحققان العدالة ويعززان ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة، إن الحفاظ على هذه التوازنات هو السبيل لضمان أن تتحول التحقيقات القضائية إلى أداة إنصاف وليس إلى مصدر ظلم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.