أعلنت اللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه أن دخول قانون المسطرة الجنائية الجديد حيز التنفيذ، عقب نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 8 شتنبر 2025، يشكل مرحلة فارقة في مكافحة الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر بالمغرب، في خطوة تشريعية وصفت بالتحول الجوهري في منظومة العدالة الجنائية،
وأكدت اللجنة، في بلاغ توصلت به جريدة “أصوات”، أن هذا القانون يأتي في سياق تعزيز التزامات المغرب الدولية، وملاءمة تشريعاته الوطنية مع الاتفاقيات والمعايير الدولية، وعلى رأسها بروتوكول باليرمو واتفاقية مجلس أوروبا، ويعزز هذا الانسجام موقع المملكة بين الدول السباقة في محاربة شبكات الاتجار بالبشر، وضمان حقوق الضحايا وحمايتهم.
القانون الجديد صنف جرائم الإتجار بالبشر ضمن خانة الجرائم الخطيرة، ما يتيح توسيع صلاحيات الضابطة القضائية والأجهزة المختصة، مثل المكتب المركزي للأبحاث القضائية، لمباشرة التحقيقات والتتبع القضائي وفق آليات أكثر دقة وفعالية.
ويتماشى هذا الإجراء مع مضامين القانون رقم 27-14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر، حيث يمكّن الضحايا من حماية فورية ودعم نفسي واجتماعي وطبي، إلى جانب تخصيص مراكز إيواء آمنة، وفترة تعافٍ تمتد إلى 30 يومًا، في احترام تام للبعد الإنساني.
كما أقر النص الجديد آليات متقدمة لحماية الشهود والمخبرين والخبراء، بما في ذلك إمكانية الإدلاء بالشهادة عن بعد، وحماية الهوية، واستعمال وسائل تكنولوجية في التحقيقات كـ التسجيلات السمعية البصرية، واعتراض الاتصالات، والاختراق القضائي، لتمكين السلطات من تفكيك الشبكات الإجرامية العابرة للحدود.
وفي بعده الدولي، يعزز القانون آليات التعاون القضائي العابر للحدود، خصوصًا في ما يتعلق بتعقب الأموال المشبوهة، وتجميدها، وتسليم المطلوبين، في مسعى واضح إلى تجفيف منابع تمويل الجريمة المنظمة وحرمانها من الموارد التي تغذي أنشطتها.
وباعتماد هذا الإصلاح العميق، يؤكد المغرب على رؤيته المتكاملة التي تقوم على صون الكرامة الإنسانية، وترسيخ دولة الحق والقانون، وتحقيق عدالة جنائية فعالة قادرة على التصدي لأخطر الجرائم العابرة للقارات، في انسجام تام مع المعايير الدولية ومع الالتزامات الدستورية للمملكة.