محكمة النقض تؤيد الحكم النهائي في حق رشيد فايق

محمد عيدني

أيدت محكمة النقض، يوم أمس الأربعاء، الحكم الإستئنافي الصادر في حق البرلماني السابق رشيد فايق، ليصبح الحكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به بعد مسار قضائي طويل استأثر بمتابعة الرأي العام الوطني، بالنظر إلى تعقيد الملف وتشعب قضاياه.

وقضى القرار القضائي بتأييد العقوبة السجنية المحددة في ثماني سنوات سجنا نافذا، إلى جانب غرامة مالية قدرها مليون درهم، مع رفض جميع الدفوعات الشكلية والطلبات التي تقدم بها دفاع المتهم، وبذلك، تكون أعلى هيئة قضائية في البلاد قد وضعت حدا للجدل القانوني الذي رافق الملف منذ بداياته.

قرار النقض… تتويج لمسار قضائي معقد

الملف الذي انطلق منذ سنوات، عرف سلسلة من الجلسات والمرافعات امتدت عبر مراحل متعددة من التقاضي، مر خلالها من المرحلة الابتدائية ثم الاستئناف وصولاً إلى محكمة النقض، ليتم التحقق من سلامة المساطر والإجراءات القانونية المتبعة.
مصادر قضائية أوضحت أن قرار محكمة النقض استند إلى “تطبيق سليم للقانون”، معتبرة أن الأحكام الصادرة في المراحل السابقة كانت مؤسسة على معطيات واقعية ووثائق مضمنة بالملف القضائي.

الدفاع: القرار غير منصف و الملف يفتقد لأدلة التلبس

في المقابل، عبر محامي المتهم رشيد فايق عن استغرابه من القرار، واصفاً إياه بأنه “غير عادل وغير منصف”، معتبراً أن الحكم لم يأخذ بعين الاعتبار “غياب أدلة حالة التلبس أو الإثبات المباشر بخصوص تهم الرشوة المنسوبة إلى موكله”.
وقال المحامي في تصريحات أعقبت النطق بالحكم:

 “الملف بني على مؤشرات وشهادات متناقضة، ولم يتضمن أي دليل مادي قاطع يثبت تورط السيد فايق في الأفعال المنسوبة إليه، ويضيف كان أملنا أن يعيد القضاء النظر في الموضوع على ضوء هذه الثغرات الجوهرية، لكننا نحترم قرار محكمة النقض رغم تحفظنا عليه.”

قضية شغلت الرأي العام:

تعود فصول القضية إلى تحقيقات سابقة شملت عدداً من المنتخبين والموظفين الجماعيين، حيث وجهت إليهم اتهامات تتعلق بسوء استغلال النفوذ والارتشاء وتبديد أموال عمومية.
القضية، التي أثارت اهتماماً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية، اعتُبرت من بين أبرز ملفات محاربة الفساد التي عرفها المغرب في السنوات الأخيرة، نظراً لمكانة المتهم السياسية وعلاقاته داخل المشهد المحلي والوطني.

بين القانون والرأي العام

يرى مراقبون أن تأييد الحكم من طرف محكمة النقض يمثل رسالة واضحة مفادها أن القانون يسري على الجميع دون استثناء، وأن القضاء المغربي ماضٍ في تكريس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة،
في المقابل، يؤكد آخرون أن الحكم رغم قانونيته، يظل محل نقاش من زاوية العدالة الإجرائية وغياب القرائن المادية، مما يفتح الباب أمام تساؤلات أعمق حول كيفية إثبات جرائم الفساد الإداري في غياب التلبس أو التسجيلات المباشرة.

بهذا القرار، تطوى صفحة من أكثر القضايا إثارة للجدل في المشهد السياسي المغربي، وسط انقسام بين من يرى فيه انتصاراً لهيبة العدالة، ومن يعتبره تأويلاً قاسياً لمقتضيات القانون.
وفي انتظار تفاعلات الشارع والرأي العام، يبقى المؤكد أن قضية رشيد فايق ستظل مرجعاً قانونياً وسياسياً بارزاً في النقاش حول الشفافية والمساءلة في تدبير الشأن العام بالمغرب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.