فرنسا تتجه لحرمان آلاف الطلبة المغاربة من مساعدات السكن ابتداءً من 2026

سيواجه آلاف الطلبة المغاربة المقيمين في فرنسا خطر فقدان المساعدات الشخصية للسكن (APL) ابتداءً من الدخول الجامعي لسنة 2026، في حال صادق البرلمان الفرنسي على المادة 67 من مشروع قانون المالية الجديد، التي أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الطلابية والسياسية والحقوقية.

وينصّ هذا التعديل التشريعي على تجميد المساعدات السكنية الموجهة للطلبة الأجانب القادمين من خارج الاتحاد الأوروبي غير المستفيدين من المنح الدراسية، في خطوة تقول الحكومة الفرنسية إنها تهدف إلى توفير نحو 108 ملايين يورو من ميزانية الدولة خلال السنة المالية المقبلة.

الطلبة المغاربة.. الفئة الأكثر تضرراً

يُعدّ الطلبة المغاربة أكبر جالية طلابية أجنبية في فرنسا، إذ يفوق عددهم 43 ألف طالب وطالبة موزعين على الجامعات والمدارس العليا والمعاهد التقنية، ما يجعلهم الفئة الأكثر تأثراً بهذا القرار المرتقب.

وبحسب تقديرات جمعيات طلابية فرنسية، فإن كل طالب مهدد بخسارة ما بين 100 و150 يورو شهرياً من دعم السكن، وهو مبلغ حيوي بالنسبة للعديد منهم الذين يعيشون في أوضاع مالية محدودة ويعتمدون بشكل كبير على هذه المساعدات لتغطية تكاليف الإيجار والمعيشة.

انتقادات سياسية وحقوقية للقرار

أثار القرار موجة استنكار داخل الأوساط السياسية اليسارية والحقوقية.
فقد وصف النائب عن حزب “فرنسا الأبية” (La France Insoumise)، توماس بروتيس، الإجراء بأنه “عنصري ومجحف”، مضيفاً عبر حسابه على منصة “إكس” أن “الحكومة تميز ضد الطلبة الأجانب وتضرب مبدأ المساواة أمام القانون”.

وفي السياق نفسه، اعتبرت الناشطة الفرنسية إليونور شميت (Éléonore Schmitt)، المتخصصة في الدفاع عن الحق في السكن، أن “تجريد الطلاب الأجانب من دعم السكن هو تدبير غير عادل يفاقم هشاشتهم الاجتماعية”، مشيرة إلى أنه “يُفاقم أزمة السكن الطلابي ويكرس تمييزاً هيكلياً في السياسات العمومية”.

وتعمل شميت ضمن مؤسسات ناشطة في هذا المجال، أبرزها Fondation pour le Logement وAssos Logement، اللتان تنشطان في حماية الفئات الهشة وضمان الحق في السكن اللائق.

🧾 عريضة احتجاجية وتحركات مدنية

في مواجهة هذه الخطوة، أطلق تحالف “APL en danger” (المساعدات السكنية في خطر) عريضة إلكترونية على موقع Change.org، تدعو البرلمان الفرنسي إلى رفض المادة 67، معتبرة أن “حرمان الطلبة من الدعم السكني يهدد استقرارهم الدراسي والاجتماعي، وقد يؤدي إلى الانقطاع عن الدراسة أو حتى التشرد”.

وحظيت العريضة بدعم واسع من منظمات طلابية ونقابية وجمعيات مدنية، من بينها Union Étudiante، وFAGE، وUNEF، وLa Cimade، وLDH (رابطة حقوق الإنسان)، وSecours Catholique، إلى جانب شخصيات سياسية وأكاديمية بارزة.

قرار يحمل أبعاداً سياسية واقتصادية

ويرى محللون أن هذا القرار يعكس اتجاهاً متزايداً نحو تشديد السياسات الاجتماعية تجاه الأجانب في فرنسا، في ظل الضغوط المالية والاقتصادية التي تواجهها الحكومة، فضلاً عن التحولات السياسية الداخلية التي تدفع نحو خطاب أكثر تحفظاً في قضايا الهجرة والتعليم.

وفي المقابل، حذر خبراء من أن القرار قد تكون له انعكاسات سلبية على صورة فرنسا كوجهة أكاديمية عالمية، مشيرين إلى أن الطلبة المغاربة، والتونسيين، والجزائريين يشكلون أحد أهم روافد الحياة الجامعية الفرنسية ويساهمون في إشعاعها الثقافي والعلمي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.