سلطت دراسة حديثة نشرتها “مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي” الضوء على التحديات المعقدة التي يواجهها الرعاة الأمازيغ الرحل في منطقة “آيت خباش” بجهة درعة تافيلالت، حيث أكدت الدراسة أن التغيرات البيئية لا تقتصر على خلق تحديات جديدة فحسب، بل تزيد من تعميق أوجه عدم المساواة القائمة التي يعيشها هذا المجتمع، كما أشارت إلى أن هذا المجتمع، الذي يعد جزءاً من قبيلة آيت عطا، عاش تاريخياً في مناخ صحراوي قاسٍ، لكن حركة أفراده ووصولهم إلى المياه أصبح مقيداً بشكل متزايد منذ احتلال فرنسا للجزائر عام 1830 واستمر بسبب التوترات الحدودية بين المغرب والجزائر.
ونتيجة لذلك، سجلت الدراسة أن إحدى طرق استجابة “آيت خبّاش” لهذه التحديات، التي تفاقمت مع موجات الجفاف في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، كانت من خلال الهجرة على مدى العقود الماضية، إذ انتقل العديد منهم من حياة الرعي الرحل على الحدود إلى الاستقرار في قرى كمرزوكة ومراكز حضرية كورزازات ومراكش، بل وتجاوزت الهجرة الحدود إلى فرنسا وإسبانيا، إضافة إلى أن الرعي، الذي كان جوهر هويتهم واقتصادهم، أصبح “أقل استدامة” كمصدر للمعيشة بسبب المراعي المتقلصة والجفاف المتكرر، فضلاً عن أن نقص البنية التحتية في المناطق النائية ساهم في قرار الأسر بالاستقرار بشكل دائم في المدن.
وفي الآونة الأخيرة، اتجه مجتمع “آيت خبّاش” نحو بناء صناعة سياحية في منطقته من الصفر، مركزين على المخيمات الصحراوية الموسمية، وهو ما عكس كيفية تكيف المجتمعات الأصلية مع الاستبعاد الهيكلي والضغط البيئي، إذ وفرت هذه المبادرات آلاف الوظائف لأعضاء المجتمع، وحافظت على تماسك الأسر، وأتاحت لهم البقاء مرتبطين بأراضي أسلافهم، على الرغم من أن منطقة درعة- تافيلالت تعاني من ضعف البنية التحتية وضعف الخدمات، بالرغم من غناها بالموارد المعدنية والطاقة الشمسية، ما يجعلها واحدة من أفقر مناطق المغرب، لذلك شددت الدراسة على الحاجة الملحة إلى سياسات مناخية تتجاوز الأساليب المركزية إلى إشراك المجتمعات المهمشة بفعالية كشركاء في أطر التكيف، وتعزيز الحماية الاجتماعية.