أزمة الشواهد العليا.. كيف يحصل البعض على ماستر ودكتوراه وسط تساؤلات حول الكفاءة والجودة؟

ماب ميديا

لم يعد موضوع الشواهد العليا مجرّد قضية تخص قطاع التعليم وحده، بل أصبح حديث الرأي العام في مختلف المدن المغربية، حيث ارتفعت الأصوات حول ظاهرة الحصول على شهادات الماستر والدكتوراه بسهولة، في وقت يُسجّل فيه ضعف تكوين عدد من الخريجين وعجزهم عن اجتياز مباريات التوظيف. هذه الظاهرة العامة، التي تظهر بوضوح داخل مدينة فاس وفي غيرها، تثير تساؤلات متصاعدة: كيف يحصل البعض على شهادات عليا رغم غياب الكفاءة العلمية والمهنية الكافية؟ وهل أصبح اللقب أهم من المعرفة؟

التناقض الصادم بين الشهادة والسوق

في السنوات الأخيرة، ازدادت أعداد الحاصلين على الشهادات الجامعية العليا، لكن المفارقة الصادمة تكمن في أن عدداً كبيراً منهم يعجز عن الإجابة عن أسئلة أساسية في مجال تخصصه، أو عن اجتياز مباراة عمومية بنجاح. تسريبات عديدة انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي تضع الأصبع على الجرح وتطرح أسئلة جريئة:

  • هل التكوين فعلي أم نظري فقط؟

  • هل كفاءة الطالب هي التي تُقَيَّم… أم الملامح والسيرة الذاتية والتوصيات؟

  • هل أصبح الحصول على شهادة ماستر أو دكتوراه مسألة شكلية أكثر من كونها علمية؟

في مدينة فاس، كما في مدن أخرى، برزت مؤسسات ومعاهد خاصة أصبحت تقدم مسارات أكاديمية مغرية، لكن النتائج في مباريات التوظيف تكشف ضعفاً في التكوين، وغياباً للكفاءات، وعدم تطابق بين مضمون الدراسة وحاجيات سوق الشغل. هذا التناقض طرح مخاوف جدية بشأن سمعة الشهادات العليا.

أسئلة مجتمعية جوهرية

المشكل لم يعد يهم الطلبة فقط، بل أصبح موضوعاً مجتمعياً يتطلب إجابة واضحة من المؤسسات الوصية ووزارة التعليم العالي:

  • هل الشواهد العليا تُمنح بناءً على البحث والاجتهاد… أم على العلاقات والتوجيهات؟

  • لماذا لا تُفرض اختبارات صارمة وحقيقية قبل نيل شهادة الماستر والدكتوراه؟

  • كيف يمكن لشاب أن يتخرج بدرجة علمية عالية دون أن يمتلك قدرة حقيقية على العمل في الميدان؟

  • لماذا تتنامى ظاهرة “اللقب الأكاديمي” بينما المضمون العلمي في تراجع؟

إن أزمة الشواهد ليست مجرد أزمة تعليم، بل أزمة ثقة في النظام بأكمله. فحينما يُمنح اللقب دون جودة علمية، يفقد الباحث مكانته، وتُصدم المؤسسات، ويُهان سوق الشغل، وتتحول الجامعة إلى فضاء يمنح الألقاب أكثر مما يمنح المعرفة.

المطلوب اليوم ليس إلغاء الماستر أو الدكتوراه، بل حماية قيمتهما. المطلوب إعادة الاعتبار للبحث الجاد، للتكوين الصارم، وللتميز الحقيقي، حتى لا تتحول الشهادة إلى مجرد ورقة جميلة، ويبقى الخريج عاجزاً أمام أول اختبار مهني.

فهل نرى يوماً إصلاحاً يعيد الثقة للجامعة المغربية ويسترجع للشهادة مكانتها العلمية؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.