تتفاقم الأزمة التعليمية في المغرب مع توالي الأنباء عن اختلالات خطيرة شابت مباراة ولوج مراكز التربية والتكوين 2025 (مباراة الأساتذة)، والتي تعد بوابة العبور إلى مهنة التعليم، هذا القطاع الحيوي الذي يشكل قاطرة التنمية ومستقبل الأجيال. إذ تفيد التقارير الصحفية بتداول واسع لمواضيع الامتحان الكتابي على تطبيقات التواصل الاجتماعي بعد دقائق قليلة من انطلاقه، ما دفع بالعديد لوصف الحدث بـ “الفضيحة” التي تضرب بعرض الحائط مبدأ تكافؤ الفرص وتشكك في نزاهة العملية برمتها، خاصة في مواد حيوية كالتربية الإسلامية واللغة العربية والفرنسية والاجتماعيات.
وعلى الرغم من إعلان نتائج النجاح لعدد من الشباب، يبرز التساؤل المُلِح حول جدارة هؤلاء الناجحين بمهنة التعليم، لاسيما وأن التسريبات المزعومة قد تكون سمحت لأشخاص يفتقرون للتكوين العالي والكفاءات اللازمة بالمرور إلى المرحلة الموالية، وهو ما يضع جودة المنظومة التعليمية بأكملها تحت المجهر، التي تعاني أصلاً من تدني في التصنيف العالمي، حيث يشير مؤشر التعليم العالمي 2025 إلى المرتبة 64 للمغرب، ويحل التعليم العالي في المرتبة 124 عالمياً في مؤشر المعرفة.
لذلك، يصبح الاختبار الشفهي هو خط الدفاع الأخير والحاسم أمام وزارة التربية الوطنية لاستدراك ما فات واختيار الأجدر لمنصب الأستاذ، فالاختبار الشفهي ليس مجرد إجراء روتيني، بل هو فرصة لتقييم الكفاءات التواصلية والبيداغوجية والتحفيز الذاتي والقدرة على مواجهة تحديات الفصل الدراسي، وهي مهارات لا يمكن قياسها في الامتحان الكتابي وحده، خاصة بعد الشكوك المثارة حوله. يجب أن يكون لهذا الاختبار الوزن الأكبر في التقييم النهائي لضمان ولوج أساتذة ذوي تكوين عالٍ ومؤهلات حقيقية إلى مراكز التكوين، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على نجاعة المجال التعليمي ويوقف نزيف تدهور جودة التعليم الذي يُعزى في جزء كبير منه إلى تعيين معلمين غير مؤهلين للمهنة.
في الختام، يقع العبء على الوزارة الوصية للتدخل بفعالية وصرامة لضمان أن يكون الاختيار الشفهي بمثابة غربال دقيق يفرز الكفاءات المطلوبة فعلاً، وأن تتحمل مسؤوليتها في فتح تحقيق شفاف ومسؤول في ملابسات التسريبات المزعومة، لأن مستقبل التعليم في المغرب ومرتبته العالمية مرتبط ارتباطاً وثيقاً بـ جودة المعلم الذي يقف أمام التلاميذ.