يشهد المشهد الإعلامي المحلي توتراً جديداً بعد أن عبّر طاقم الجريدة الإلكترونية “ماب ميديا” عن تضامنٍ واسع مع مجموعة من المراسلين الصحفيين الذين وجدوا أنفسهم ممنوعين من تأدية مهامهم خلال تغطية نشاط ميداني، وذلك إثر تدخل قائد المقاطعة الرابعة، في واقعة أثارت جدلاً واسعاً حول حدود السلطة واحترام حرية الصحافة.
وأفاد صحفيون كانوا حاضرين بأنهم مُنعوا من الولوج إلى مكان الحدث دون مبررات واضحة، مؤكدين أن أكثر من عشرة مراسلين واجهوا تضييقاً حال بينهم وبين القيام بعملهم، فيما تحدث بعضهم عن تعامل غير مهني طبع تلك اللحظات، وهو ما اعتُبر لدى مهنيين في القطاع خطوة تمس جوهر الحق في الوصول إلى المعلومة وتناقض الضمانات التي يكفلها القانون.
ودعا طاقم “ماب ميديا” إلى التعامل بجدية مع هذه الواقعة، مؤكداً أن أي مساس بحرية المراسلين ليس مجرد خلاف عابر، بل هو تهديد مباشر لحق المواطن في المتابعة والإطلاع، وللمسار المؤسساتي الذي تقوم عليه دولة القانون. كما شدّد على أن التشريعات الوطنية، وفي مقدمتها الدستور، تجعل من حرية الصحافة ركناً أساسياً في الحياة العامة، ولا تسمح لأي جهة بإفراغ هذا الحق من محتواه.
وطالب الطاقم بفتح تحقيق مهني ومحايد يحدد المسؤوليات بدقة، واتخاذ التدابير اللازمة لضمان عدم تكرار مثل هذه السلوكيات التي تُضعف علاقة الثقة بين الصحافة والإدارة، وتسيء لصورة المرفق العمومي ولأدواره في خدمة المواطنين.
وجددت المؤسسة الإعلامية التزامها بممارسة مسؤولياتها في إطار المهنية واحترام أخلاقيات المهنة، مع التأكيد على مواصلة الدفاع عن حقوق المراسلين، باعتبارهم حلقة أساسية في نقل الوقائع كما هي، دون ضغط أو تدخل أو وصاية.
وفي ظل تنامي الدعوات إلى وقف كل أشكال التضييق على العمل الصحفي، يظل الرهان قائماً على ترسيخ ثقافة مؤسساتية تعترف بدور الإعلام وتعتبره شريكاً في خدمة الشأن العام، لا طرفاً مزعجاً أو خصماً يجب التعامل معه بحذر. بهذا، يصبح احترام الصحافة التزاماً عملياً يعكس نضج الإدارة ووعيها بوظيفتها داخل مجتمع يتطلع إلى الشفافية والتواصل المسؤول.
ويثير هذا السلوك استغراباً واسعاً، خاصة وأن الدستور المغربي لسنة 2011 ينص بوضوح على ضمان حق المواطن في الوصول إلى المعلومة، ويؤكد على حرية الصحافة باعتبارها ركيزة أساسية في البناء الديمقراطي. إن أي تجاوز لهذه المقتضيات الدستورية لا يمس فقط بحقوق المراسلين، بل ينعكس أيضاً على قدرة الإعلام الجهوي على أداء دوره في تنوير الرأي العام ومواكبة الأحداث بمهنية واستقلالية.
ويشدد مهنيون في القطاع على أن المراسل جزء لا يتجزأ من المؤسسة الإعلامية، وأن منعه من التغطية يُعد ممارسة مرفوضة تتطلب المساءلة ووقوف الجهات المعنية على تفاصيلها لضمان عدم تكرارها، بما يحفظ كرامة الصحافيين واحترام القوانين المؤطرة للمهنة.