تعيش المخرجة المغربية أسماء المدير مرحلة مميزة في مسارها الفني بعد تتويجها الأخير في برنامج ورشات أطلس. وتؤكد أن هذا التتويج يحمل قيمة مضاعفة، لأنها باتت أكثر إدراكاً لمعنى الفوز داخل فضاء مهني دولي يجمع نخبة من المنتجين والخبراء السينمائيين.
وتوضح المدير، في تصريح لهسبريس، أن مشاركتها في الورشات رافقها الكثير من التوتر، لأنها قدّمت للمرة الأولى صوراً أولية من مشروعها الجديد أمام مهنيين “لا يجاملون”، على حد تعبيرها. وأضافت أنها كانت مستعدة لتقبّل ملاحظات الجمهور العادي إن لم تنل الصور إعجابه، غير أن تقييم محترفي الصناعة يبقى دائماً لحظة حساسة. ورغم القلق الذي سبق العرض، فإن ردود الفعل الإيجابية قلبت المعادلة وجعلت مشروعها حديث الحاضرين، مما منحها طاقة جديدة لمواصلة العمل بثقة.
وكشفت المخرجة، في حوارها، نافذة أولى على مشروعها الوثائقي الجديد، الذي يسلّط الضوء على رحلة إنسانية مؤثرة لفئة تُعرف بـ “أطفال القمر”، وهم أطفال يعانون حساسية شديدة تجاه أشعة الشمس تمنعهم من الخروج نهاراً. وأبرزت أنها ترافق هذه الفئة منذ سنة 2017، وأن فيلمها يوثّق خطواتهم الشجاعة نحو حياة أقرب إلى الطبيعية، عبر البحث عن سبل للحماية والتأقلم، والتمسك بلحظات صغيرة تمنحهم معنى الحلم رغم القيود.
وأكدت أنها سعت، رفقة الأطفال وعائلاتهم، إلى “صناعة حلم مشترك” يتجاوز حدود الفيلم، ويتجسد في خلق واقع يسمح لهم بتجربة طفولة طبيعية قدر الإمكان. ورغم الحماس الذي يرافق المشروع، فضّلت عدم الكشف عن تفاصيل كثيرة في هذه المرحلة، معتبرة أن الفيلم الوثائقي “عمل مفتوح” قد تتغير مساراته خلال التصوير أو المونتاج، لأن الحياة نفسها تفرض تطورات غير متوقعة. وترى أن “القدر” يلعب دوراً حاسماً في صياغة هذا النوع من الأعمال، ما يجعلها تفضّل الاحتفاظ ببعض أسرار المشروع إلى حين اكتمال الصورة النهائية.
وبالتوازي مع هذا الفيلم، تعمل أسماء المدير على أول تجربة روائية طويلة ذات طابع كوميدي، معتبرة هذا الانتقال خطوة طبيعية لمخرجة شابة تبحث عن لغتها الخاصة. وتؤكد أن ارتباطها بالواقع لا يناقض ميلها إلى الروائي، لأن السينما، في نظرها، فضاء واسع يحتضن الأجناس كافة، كما أنها توظف في أفلامها الروائية الأساليب نفسها التي تعتمدها في الوثائقي، إيماناً منها بأن التجارب الإنسانية الحقيقية تمنح العمل صدقية أكبر.
وتلفت المدير إلى أنها سبق أن اعتمدت هذا النهج في أفلام قصيرة لاقت تفاعلاً إيجابياً، مؤكدة أن القاعدة لديها دائماً واقعية، وأن القصص تأتي إليها تلقائياً من دون افتعال. وتختم حديثها بالتشديد على أنها “لا تغيّر فريقاً رابحاً”، إذ ما تزال تحافظ على أسلوب الإنتاج نفسه الذي رافق بداياتها، إيماناً بأن الثقة بين أفراد الفريق وتناسق العمل معاً يمنح المشروع روحاً موحّدة تصل إلى الجمهور بسلاسة، كما يضمن لها بناء هوية سينمائية متماسكة دون التخلي عن الجذور الواقعية التي تشكل أساس رؤيتها الفنية.