إدارة ترامب تعلّق برنامج قرعة الهجرة إلى الولايات المتحدة إلى أجل غير مسمى

أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، يوم الجمعة، تعليق العمل ببرنامج تأشيرة التنوع (Diversity Visa) المعروف إعلامياً بـ“قرعة الهجرة”، وذلك إلى أجل غير مسمى، في خطوة تُعد من أبرز القرارات التي تمس أحد أهم مسارات الهجرة القانونية إلى الولايات المتحدة.

 

وأوضح متحدث باسم الخارجية الأمريكية أن القرار جاء بتوجيه مباشر من وزير الخارجية ماركو روبيو، إلى حين “التحقق الكامل من هويات الأشخاص الذين يُسمح لهم بدخول الأراضي الأمريكية”، في إطار تشديد الإجراءات الأمنية المرتبطة بالهجرة.

 

ويأتي هذا القرار في سياق أمني متوتر، عقب حادث إطلاق نار وقع في جامعة براون (Brown University)، ربطت السلطات الأمريكية بينه وبين أحد المستفيدين سابقاً من برنامج تأشيرة التنوع. ووفق المعطيات الرسمية، فإن المشتبه به كان يحمل البطاقة الخضراء (Green Card)، ودخل الولايات المتحدة سنة 2017 عبر تأشيرة DV1.

 

كما أشارت التحقيقات إلى أن الشخص نفسه متورط في مقتل أستاذ بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، قبل أن يُعثر عليه ميتاً ليلة الخميس، في ظروف لا تزال قيد التحقيق من قبل السلطات المختصة.

 

ووفق المصادر الرسمية، فإن المشتبه به يُدعى كلاوديو نيفيس فالينتي، ويبلغ من العمر 48 عاماً، ويحمل الجنسية البرتغالية، وكان طالباً سابقاً بجامعة براون، قبل حصوله على الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة بعد فوزه في برنامج تأشيرة التنوع.

 

ويُنظر إلى هذا القرار باعتباره امتداداً لنهج إدارة الرئيس دونالد ترامب المتشدد في قضايا الهجرة. فقد سبق لوزيرة الأمن الداخلي، كريستي نويم، أن عبّرت عن موقف حاد تجاه البرنامج، واصفة إياه بـ“الكارثي”، ومعتبرة أنه قد يشكل تهديداً محتملاً للأمن القومي الأمريكي.

 

وقالت نويم، في تدوينة رسمية:
“بتوجيه من الرئيس ترامب، أصدرتُ تعليماتي فوراً لدائرة خدمات المواطنة والهجرة الأمريكية لتعليق برنامج تأشيرة التنوع (DV1)، لضمان عدم تعرّض المزيد من الأمريكيين للخطر”.

 

وتشرف وزارة الأمن الداخلي على دائرة خدمات المواطنة والهجرة، ما يمنحها نفوذاً تنفيذياً مباشراً في تطبيق القرار، رغم أن برنامج تأشيرة التنوع يندرج قانونياً ضمن اختصاص وزارة الخارجية، ويستند إلى تشريع أقرّه الكونغرس الأمريكي.

 

ورغم تقديم الإدارة الأمريكية لهذا الإجراء باعتباره تدبيراً احترازياً مؤقتاً، إلا أن السياق السياسي المحيط بالقرار يثير تساؤلات واسعة. فبرنامج تأشيرة التنوع كان دائماً هدفاً لانتقادات التيار المحافظ، الذي يعتبره “بوابة خلفية للهجرة”، بحجة أنه لا يعتمد معايير الكفاءة ولا يوفّر تدقيقاً أمنياً كافياً، رغم أن المستفيدين منه يخضعون فعلياً لسلسلة من إجراءات الفحص الأمني قبل منح التأشيرة.

 

ويشير منتقدو القرار إلى ما وصفوه بالخلط بين سلوك فردي معزول وطبيعة برنامج استفاد منه ملايين المهاجرين منذ إطلاقه في تسعينيات القرن الماضي، دون وجود معطيات إحصائية تثبت أنه يشكل خطراً أمنياً أكبر مقارنة ببقية مسارات الهجرة القانونية.

 

ويطرح هذا التطور سؤالاً جوهرياً حول ما إذا كان الحادث الأمني يُستخدم كذريعة سياسية لتصفية برنامج لطالما سعت إدارة ترامب إلى تقويضه.

 

في المقابل، أثار تعليق البرنامج حالة من القلق والترقب لدى مئات الآلاف من المرشحين حول العالم، خصوصاً في دول إفريقية وعربية تعتمد بشكل كبير على قرعة الهجرة كأحد المسارات القليلة المتاحة للهجرة القانونية إلى الولايات المتحدة.

 

قانونياً، لا يمكن إلغاء برنامج تأشيرة التنوع بشكل نهائي إلا عبر تشريع يصدر عن الكونغرس، غير أن التعليق العملي قد يستمر لسنوات، كما حدث مع سياسات هجرة أخرى خلال الولاية السابقة للرئيس ترامب، ما يجعل هذا “الإجراء المؤقت” أقرب إلى تجميد طويل الأمد للبرنامج.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.