عبد الله ساعف: السياسة بالمغرب فقدت مركزيتها وأصبحت “قسم الهواة”

الرباط – في قراءة نقدية معمقة للحقل السياسي المغربي، اعتبر المفكر والوزير السابق والأستاذ الجامعي عبد الله ساعف أن السياسة فقدت اليوم مركزيتها ودورها الحيوي داخل المجتمع، مقارنة بما كانت عليه خلال عقود الستينيات والسبعينيات والثمانينيات، حين كانت تشكل القلب النابض للحياة العامة.

 

وخلال الدرس الافتتاحي للموسم الجامعي 2025-2026 بكلية الحقوق أكدال بالرباط، بعنوان “علم السياسة بالمغرب، السلطة والمسؤولية الفكرية”، أكد ساعف أن السياسة انسحبت تدريجياً نحو الهوامش، وأضحى تأثيرها في الوعي الجماعي ضعيفاً، حتى شبّهها ساخراً بأنها “نزلت إلى قسم الهواة”، في إشارة إلى تراجع مستوى النخب والفاعلين السياسيين.

 

وأشار ساعف إلى أن هذا الانحدار أثر أيضاً على الاهتمام بعلم السياسة نفسه، حيث لوحظ ميل الأكاديميين نحو دراسة المواضيع الدولية والتقنية، مثل التغيرات المناخية والذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة، على حساب القضايا المحلية الحساسة. ورأى أن هذا التوجه يعكس محاولة لتجنب الخوض في الملفات الداخلية المعقدة، رغم أن جوهر السياسة يكمن في فهم الديناميات التي تمس المجتمع مباشرة.

 

وفي حديثه عن المسؤولية الفكرية، استحضر ساعف أطروحات ماكس فيبر حول تمايز الخطاب الأكاديمي عن الخطاب الشعبي، مؤكداً أن الفارق المعرفي بين الباحث والمواطن العادي هو ما يمنح علم السياسة معناه. كما استلهم من رسالة نيكولا ماكيافيلي رمزية “لباس الأمراء”، لتوضيح أن المفكر السياسي، رغم انغماسه في الواقع اليومي، يظل مشغولاً بالتنظير وبناء القواعد الفكرية للسلطة والمعنى.

 

وختم ساعف مداخلته بالتأكيد على أن تطوير علم السياسة بالمغرب لا يشكل غاية أكاديمية فحسب، بل هو وسيلة لفهم المجتمع المغربي بدقة وتمكينه من التغيير الواعي نحو الأفضل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.